يقول تعالى : { فإذا جاءت الطامة الكبرى } وهو يوم القيامة قاله ابن عباس سميت بذلك لأنها تطم على كل أمر هائل مفظع كما قال تعالى : { والساعة أدهى وأمر } { يوم يتذكر الإنسان ما سعى } أي حينئذ يتذكر ابن آدم جميع عمله خيره وشره كما قال تعالى : { يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى } { وبرزت الجحيم لمن يرى } أي أظهرت للناظرين فرآها الناس عيانا { فأما من طغى } أي تمرد وعتا { وآثر الحياة الدنيا } أي قدمها على أمر دينه وأخراه { فإن الجحيم هي المأوى } أي فإن مصيره إلى الجحيم وإن مطعمه من الزقوم ومشربه من الحميم { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى } أي خاف القيام بين يدي الله D وخاف حكم الله فيه ونهى نفسه عن هواها وردها إلى طاعة مولاها { فإن الجنة هي المأوى } أي منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء ثم قال تعالى : { يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها } أي ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق بل مردها ومرجعها إلى الله D فهو الذي يعلم وقتها على التعيين { ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله } وقال ههنا { إلى ربك منتهاها } ولهذا لما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن وقت الساعة قال : [ ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ] .
وقوله تعالى : { إنما أنت منذر من يخشاها } أي إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه فمن خشي الله وخاف مقامه ووعيده اتبعك فأفلح وأنجح والخيبة والخسار على من كذبك وخالفك وقوله تعالى : { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } أي إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدة الحياة الدنيا حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم أو ضحى من يوم وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } أما عشية فما بين الظهر إلى غروب الشمس { أو ضحاها } ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار وقال قتادة : وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الاخرة آخر تفسير سورة النازعات و لله الحمد والمنة