مقدمة تفسير القرآن العظيم .
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام الأوحد البارع الحافظ المتقن عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير الشافعي C تعالى ورضي عنه الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد فقال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وقال تعالى الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا وافتتح خلقه بالحمد فقال تعالى الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون واختتمه بالحمد فقال بعد ذكر مآل أهل الجنة وأهل النار وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ولهذا قال تعالى وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون كما قال تعالى الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير فله الحمد في الأولى والآخرة أي في جميع ما خلق وما هو خالق هو المحمود في ذلك كله كما يقول المصلي اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ولهذا يلهم أهل الجنة تسبيحه وتحميده كما يلهمون النفس أي يسبحونه ويحمدونه عدد أنفاسهم لما يرون من عظيم نعمه عليهم وكمال قدرته وعظيم سلطانه وتوالي مننه ودوام إحسانه إليهم كما قال تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين والحمد لله الذي أرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وختمهم بالنبي الأمي العربي المكي الهادي لأوضح السبل أرسله إلى جميع خلقه من الإنس والجن من لدن بعثته إلى قيام الساعة كما قال تعالى قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون وقال تعالى لأنذركم به ومن بلغ فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم وأسود وأحمر وإنس وجان فهو نذير له ولهذا قال تعالى ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده بنص الله تعالى وكما قال تعالى فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعثت إلى الأحمر والأسود م521 قال مجاهد يعني الإنس والجن فهو صلوات الله وسلامه عليه رسول الله إلى جميع الثقلين الإنس والجن مبلغا لهم عن الله تعالى ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقد أعلمهم فيه عن الله تعالى أنه ندبهم إلى تفهمه فقال تعالى أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وقال تعالى كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب وقال تعالى أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها