يخبر تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار } وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه كما قال تعالى : { فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون } وقال تعالى : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } وقال ههنا { إن الذين كفروا } أي بآيات الله وكذبوا رسله وخالفوا كتابه ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه { لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار } أي حطبها الذي تسجر به وتوقد به كقوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } الاية وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا ابن أبي مريم حدثنا ابن لهيعة أخبرني ابن الهاد عن هند بنت الحارث عن أم الفضل أم عبد الله بن عباس قالت : بينما نحن بمكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الليل فنادى [ هل بلغت اللهم هل بلغت ] ثلاثا فقام عمر بن الخطاب Bه قال : نعم ثم أصبح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ ليظهرن الإسلام حتى يرد الكفر إلى مواطنه ولتخوضن البحار بالإسلام وليأتين على الناس زمان يتعلمون القرآن ويقرؤونه ثم يقولون : قد قرأنا وعلمنا فمن هذا الذي هو خير منا فهل في أولئك من خير ؟ قالوا : يا رسول الله فمن أولئك ؟ قال : أولئك منكم وأولئك هم وقود النار ] وكذا رأيته بهذا اللفظ وقد رواه ابن مردويه من حديث يزيد بن عبد الله بن الهاد عن هند بنت الحارث امرأة عبد الله بن شداد عن أم الفضل أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قام ليلة بمكة فقال [ هل بلغت ] يقولها ثلاثا فقام عمر بن الخطاب وكان أواها فقال : اللهم نعم وحرصت وجهدت ونصحت فاصبر فقال النبي صلى الله عليه وسلّم [ ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه وليخوضن رجال البحار بالإسلام وليأتين على الناس زمان يقرؤون القرآن فيقرؤونه ويعلمونه فيقولون : قد قرأنا وقد علمنا فمن هذا الذي هو خير منا ؟ فما في أولئك من خير قالوا : يا رسول الله فمن أولئك ؟ قال أولئك منكم وأولئك هم وقود النار ] ثم رواه من طريق موسى بن عبيد عن محمد بن إبراهيم عن بنت الهاد عن العباس بن عبد المطلب بنحوه .
وقوله تعالى : { كدأب آل فرعون } قال الضحاك عن ابن عباس : كصنيع آل فرعون وكذا روي عن عكرمة ومجاهد وأبي مالك والضحاك وغير واحد ومنهم من يقول : كسنة آل فرعون وكفعل آل فرعون وكشبه آل فرعون والألفاظ متقاربة والدأب بالتسكين والتحريك كنهر ونهر هو الصنيع والحال والشأن والأمر والعادة كما يقال لا يزال هذا دأبي ودأبك وقال امرؤ القيس : .
( وقوفا بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تأسف أسى وتجمل ) .
( كدأبك من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرباب بمأسل ) .
والمعنى كعادتك في أم الحويرث حين أهلكت نفسك في حبها وبكيت دارها ورسمها والمعنى في الاية أن الكافرين لا تغني عنهم الأموال ولا الأولاد بل يهلكون ويعذبون كما جرى لال فرعون ومن قبلهم من المكذبين للرسل فيما جاؤوا به من آيات الله وحججه { والله شديد العقاب } أي شديد الأخذ أليم العذاب لا يمتنع منه أحد ولا يفوته شيء بل هوالفعال لما يريد الذي قد غلب كل شيء وذل له كل شي لا إله غيره ولا رب سواه