يقول تعالى : { وكذب به } أي بالقرآن الذي جئتهم به والهدى والبيان { قومك } يعني قريشا { وهو الحق } أي الذي ليس وراءه حق { قل لست عليكم بوكيل } أي لست عليكم بحفيظ ولست بموكل بكم كقوله { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } أي إنما علي البلاغ وعليكم السمع والطاعة فمن اتبعني سعد في الدنيا والاخرة ومن خالفني فقد شقي في الدنيا والاخرة ولهذا قال { لكل نبإ مستقر } قال ابن عباس وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة أي لكل خبر وقوع ولو بعد حين كما قال { ولتعلمن نبأه بعد حين } وقال { لكل أجل كتاب } وهذا تهديد ووعيد أكيد ولهذا قال بعده { وسوف تعلمون } وقوله { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا } أي بالتكذيب والاستهزاء { فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره } أي حتى يأخذوا في كلام آخر غير ما كانوا فيه من التكذيب { وإما ينسينك الشيطان } والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير مواضعها فإن جلس أحد معهم ناسيا { فلا تقعد بعد الذكرى } بعد التذكر { مع القوم الظالمين } ولهذا ورد في الحديث [ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] وقال السدي عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله { وإما ينسينك الشيطان } قال : إن نسيت فذكرت { فلا تقعد } معهم وكذا قال مقاتل بن حيان وهذه الاية هي المشار إليها في قوله { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم } الاية أي إنكم إذا جلستم معهم وأقررتموهم على ذلك فقد ساويتموهم فيما هم فيه وقوله { وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء } أي إذا تجنبوهم فلم يجلسوا معهم في ذلك فقد برئوا من عهدتهم وتخلصوا من إثمهم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي مالك عن سعيد بن جبير قوله { وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء } قال : ما عليك أن يخوضوا في آيات الله إذا فعلت ذلك أي إذا تجنبتهم وأعرضت عنهم وقال آخرون : بل معناه وإن جلسوا معهم فليس عليهم من حسابهم من شيء وزعموا أن هذا منسوخ بآية النساء المدنية وهي قوله { إنكم إذا مثلهم } قاله مجاهد والسدي وابن جريج وغيرهم وعلى قولهم يكون قوله { ولكن ذكرى لعلهم يتقون } أي ولكن أمرناكم بالإعراض عنهم حينئذ تذكيرا لهم عما هم فيه لعلهم يتقون ذلك ولا يعودون إليه