أمر تعالى بمباينة الكفار به وإن كانوا آباء أو أبناء ونهى عن موالاتهم إن استحبوا أي اختاروا الكفر على الإيمان وتوعد على ذلك كقوله تعالى { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار } الاية وروى الحافظ البيهقي من حديث عبد الله بن شوذب قال : جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له الالهة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر الجراح قصده ابنه أبو عبيدة فقتله فأنزل الله فيه هذه الاية { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله } الاية ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على الله ورسوله وجهاد في سبيله فقال : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها } أي اكتسبتموها وحصلتموها { وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها } أي تحبونها لطيبها وحسنها أي إن كانت هذه الأشياء { أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا } أي فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم ولهذا قال { حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } .
وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن زهرة بن معبد عن جده قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال : والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : [ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ] فقال عمر فأنت الان والله أحب إلي من نفسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم [ الان يا عمر ] انفرد بإخراجه البخاري فرواه عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن أبي عقيل زهرة بن معبد أنه سمع جده عبد الله بن هشام عن النبي صلى الله عليه وسلّم بهذا وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قال [ والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ] وروى الإمام أحمد وأبو داود واللفظ له من حديث أبي عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول [ إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ] وروى الإمام أحمد أيضا عن يزيد بن هارون عن أبي جناب عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بنحو ذلك وهذا شاهد للذي قبله والله أعلم