يقول تعالى : وإذا قيل لهؤلاء المكذبين { ماذا أنزل ربكم قالوا } معرضين عن الجواب { أساطير الأولين } أي لم ينزل شيئا إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين أي مأخوذ من كتب المتقدمين كما قال تعالى : { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } أي يفترون على الرسول ويقولون أقوالا متضادة مختلفة كلها باطلة كما قال تعالى : { انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا } وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ وكانوا يقولون : ساحر وشاعر وكاهن ومجنون ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمى بالوليد بن المغيرة المخزومي لما { فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إلا سحر يؤثر } أي ينقل ويحكى فتفرقوا عن قوله ورأيه قبحهم الله قال تعالى : { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } أي إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم كما جاء في الحديث [ من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ] وقال تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون } وهكذا روى العوفي عن ابن عباس في الاية { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } أنها كقوله : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } وقال مجاهد : يحملون أثقالهم ذنوبهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئا