يقول تعالى مخبرا عن المشركين أنهم حلفوا فأقسموا بالله جهد أيمانهم أي اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان على أنه لا يبعث الله من يموت أي استبعدوا ذلك وكذبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك وحلفوا على نقيضه فقال تعالى مكذبا لهم ورادا عليهم { بلى } أي بلى سيكون ذلك { وعدا عليه حقا } أي لا بد منه { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أي فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر ثم ذكر تعالى حكمته في المعاد وقيام الأجساد يوم التناد فقال : { ليبين لهم } أي للناس { الذي يختلفون فيه } أي من كل شيء { ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى } { وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين } أي في أيمانهم وأقسامهم لا يبعث الله من يموت ولهذا يدعون يوم القيامة إلى نار جهنم دعا وتقول لهم الزبانية : { هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون } ثم أخبر تعالى عن قدرته على ما يشاء وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون والمعاد من ذلك إذا أراد كونه فإنما يأمر به مرة واحدة فيكون كما يشاء كقوله : { وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر } وقال { ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } وقال : في هذه الاية الكريمة { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } أي أن نأمر به مرة واحدة فإذا هو كائن كما قال الشاعر : .
إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له كن كائنا فيكون .
أي أنه تعالى لا يحتاج إلى تأكيد فيما يأمر به فإنه تعالى لا يمانع ولا يخالف لأنه الواحد القهار العظيم الذي قهر سلطانه وجبروته وعزته كل شيء فلا إله إلا هو ولا رب سواه وقال ابن أبي حاتم : ذكر الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء أنه سمع أبا هريرة يقول قال الله تعالى : شتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك وكذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك فأما تكذيبه إياي فقال : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت } قال وقلت : { بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون } وأما شتمه إياي فقال : { إن الله ثالث ثلاثة } وقلت : { قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد } هكذا ذكره موقوفا وهو في الصحيحين مرفوعا بلفظ آخر