لما ذكر تعالى أنه إنما حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به وإنما أرخص فيه عند الضرورة ـ وفي ذلك توسعة لهذه الأمة التي يريد الله بها اليسرى ولا يريد بها العسرى ـ ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها وما كانوا فيه من الاصار والتضييق والأغلال والحرج فقال : { وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل } أي في سورة الأنعام في قوله : { وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون } ولهذا قال ههنا : { وما ظلمناهم } أي فيما ضيقنا عليهم { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } أي فاستحقوا ذلك كقوله : { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا } ثم أخبر تعالى تكرما وامتنانا في حق العصاة المؤمنين أن من تاب منهم إليه تاب عليه فقال : { ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة } قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل { ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا } أي أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي وأقبلوا على فعل الطاعات { إن ربك من بعدها } أي تلك الفعلة والزلة { لغفور رحيم }