ونظير هذا آية الواقعة وهي قوله سبحانه لو نشاء لجعلناها حطاما فظلتم تفكهون 1 وقال سبحانه في الماء لو نشاء جعلناه أجاجا 1 بغير لام والفرق بينهما من أربعة أوجه .
أحدها أن صيرورة الماء ملحا أسهل وأكثر من جعل الحرث حطاما إذ الماء العذب يمر بالأرض السبخة فيصير ملحا فالتوعد به لا يحتاج إلى تأكيد وهذا كما أن الإنسان إذا توعد عبده بالضرب بعصا ونحوه لم يحتج إلى توكيد وإذا توعد بالقتل احتاج إلى تأكيد .
والثاني إن جعل الحرث حطاما قلب للمادة والصورة وجعل الماء أجاجا قلب للكيفية فقط وهو أسهل وأيسر .
الثالث أن لو2 لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعليق الجزاء بالشرط3 أتى باللام علما على ذلك ثم حذف الثاني للعلم بها لأن الشيء إذا علم وشهر موقعه وصار مألوفا ومأنوسا به4 لم يبال بإسقاطه عن اللفظ استغناء بمعرفة السامع4 ويساوى لشهرته حذفه وإثباته مع ما في حذفه من خفة اللفظ ورشاقته لأن تقدم ذكرها والمسافة قصيرة يغنى عن ذكرها ثانيا .
الرابع أن اللام أدخلت في آية المطعوم للدلالة على أنه يقدم على أمر المشروب وأن الوعيد بفقده أشد وأصعب من قبل أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعا للمطعوم ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب ذكرها والذي قبله الزمخشري .
ومن ذلك حذف اللام في قوله تعالى يسألونه عن الأنفال قل الأنفال لله