فإن قلت ما الفرق بين قوله سبحانه فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة 1 وبين قوله فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة 2 .
قيل الفرق بينهما من وجهين .
لفظي ومعنوي .
أما اللفظي فهو أن الفصل بين الفعل والفاعل في قوله حق عليهم الضلالة 2 أكثر منها في قوله حقت عليه الضلالة 1 والحذف مع كثرة الحواجز أحسن .
وأما المعنوى فهو أن من في قوله ومنهم من حقت عليه الضلالة 1 راجعة على الجماعة وهي مؤنثة لفظا بدليل ولقد بعثنا في كل امة رسولا 3 ثم قال ومنهم من حقت عليه الضلالة 1 أي من تلك الأمم ولو قال ضلت لتعينت التاء والكلامان واحد وإن كان معناهما واحدا فكان إثبات التاء أحسن من تركها لأنها ثابتة فيما هو من معنى الكلام المتأخر .
وأما فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة 2 فالفريق مذكر ولو قال ضلوا لكان بغير تاء وقوله حق عليهم الضلالة 2 في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يدعو حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم إذا كان في مركبه كلمة لا يجب لها حكم ذلك الحكم .
تنبيه .
جاء عن ابن مسعود ذكروا القرآن ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تأنيثه وتذكيره كان تذكيره أجود