وقوله فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون 1 فاستوفت أقسام الأوقات من طرفي كل يوم ووسطه مع المطابقة والمقابلة .
وقوله الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم 2 فلم يترك سبحانه قسما من أقسام الهيئات .
ومثله آية يونس وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما 3 .
لكن وقع بين ترتيب الآيتين مغايرة أوجبتها المبالغة وذلك أن المراد بالذكر في الأولى الصلاة فيجب فيها تقديم الاضطجاع وإذا زال بعض الضر قعد المضجع وإذا زال كل الضر قام القاعد فدعا لتتم الصحة وتكمل القوة .
فإن قلت هذا التأويل لا يتم إلا إذا كانت الواو عاطفة فإنها تحصل في الكلام حسن اتساق وائتلاف الألفاظ مع المعاني وقد عدل عنها إلى أو التي سقط معها ذلك .
قلت يأتي التضرع على أقسام فإن منه ما يتضرع المضرور عند وروده ومنه ما يقعده ومنه ما يأتي صاحبه قائم لا يبلغ به شيئا والدعاء عنده أولى من التضرع فإن الصبر والجزع عند الصدمة الأولى فوجب العدول عن الواو لتوخي الصدق في الخبر والكلام بالائتلاف ويحصل النسق والخبر بذلك التأويل الأول عن شخص واحد وبالثاني عن أشخاص فغلب الكثرة فوجب الإتيان بأو وابتدى بالشخص الذي تضرع لأن خبره أشد فهو أشد تضرعا فوجب تقديم ذكره ثم القاعد ثم القائم فحصل حسن الترتيب وائتلاف الألفاظ ومعانيها