وانظر هنا إلى لطيفة وهو إن ما كان من شانه إلا يفعل إلا مجازاة وليس من شانه إن يذكر الاتصاف به لم يات إلا في تراكيب الافعال كقوله تعالى ويضل الله الظالمين 1 وقال وأن الله لهاد الذين آمنوا 29 ولكل قوم هاد 3 .
وأما قوله تعالى وما كنا مهلكي القرى إلا واهلها ظالمون 4 فان الاهلاك نوع اقتدار بين مع إن جنسه مقضى به على الكل عالين وسافلين لا كالضلال الذي جرى مجرى العصيان .
ومنه قوله تعالى تذكروا فإذا هم مبصرون 5 لأن البصر صفة لازمة للمتقي وعين الشيطان ربما حجبت فاذا تذكر راى المذكور ولو قيل يبصرون لانبا عن تجدد واكتساب فعل لا عود صفة .
وقوله الذي خلقني فهو يهدين 6 اتى بالماضي في خلق لان خلقه مفروغ منه واتى بالفاء دون الواو لانه كالجواب اذ من صور المنى قادر على إن يصيره ذا هدى وهو للحصر لانهم كانوا يزعمون إن آلهتهم تهديهم ثم قال والذي هو يطعمني ويسقين 6 فاتى بالمضارع لبيان تجدد الاطعام والسقيا وجاءت الواو دون الفاء لانهم كانوا لايفرقون بين المطعم والساقي ويعلمون انهما من مكان واحد وان كانوا يعلمون انه من إله واتى به هو لرفع ذلك ودخلت الفاء في فهو يشفين لانه جواب ولم يقل اذا مرضت فهو يشفين إذ يفوت ما هو موضوع لافادة