ومن هذا الباب الحكاية عن النبي صلى الله عليه وسلّم بلفظ كان يصوم وكنا نفعل وهو عند اكثر الفقهاء والاصوليين يفيد الدوام فان عارضه ما يقتضي عدم الدوام مثل إن يروى كان يمسح مرة ثم نقل انه يمسح ثلاثا فهذا من باب تخصيص العموم وان روى النفي والاثبات تعارضا .
وقال الصفار في شرح سيبويه اذا استعملت للدلالةعلى الماضي فهل تقتضي الدوام والاتصال اولا مسالة خلاف وذلك انك اذا قلت كان فهل هو الآن قائم الصحيح انه ليس كذلك هذا هو المفهوم ضرورة وانما حملهم علىجعلها للدوام ماورد من مثل قوله تعالى وكان الله غفورا رحيما 1 وقوله ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة 2 وهذا عندنا يتخرج على انه جواب لمن سال هل كان الله غفورا رحيما واما الاية الثانية فالمعنى أي قد كان عندكم فاحشة وكنتم تعتقدون فيه ذلك فتركه يسهل عليكم .
قال ابن الشجري في امالية اختلف في كان في نحو قوله وكان الله عزيزا حكيما 3 على هولين احدهما انها بمعنى لم يزل كان القوم شاهدوا عزا وحكمه ومغفرة ورحمة فقيل لهم لم يزل الله كذلك قال وهذا قول سيبويه .
والثاني انها تدل على وقوع الفعل فيما مضى من الزمان فاذا كان فعلا متطاولا لم يدل دلالة قاطعة على انه زال وانقطع كقولك كان فلان صديقي لايدل هذا على إن صداقته قد زالت بل يجوز بقاؤها ويجوز زوالها