واما قوله تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله 1 فظن بعض الناس إن التقوى سبب التعليم والمحققون على منع ذلك لانه لم يربط الفعل الثاني بالاول ربط الجزاء بالشرط فلم يقل واتقوا الله يعلمكم ولا قال فيعلمكم الله وانما اتى بواو العطف وليس فيه ما يقتضي إن الاول سبب للثاني وانما غايته الاقتران والتلازم كما يقال زرني وازورك وسلم علينا ونسلم عليك ونحوه مما يقتضي اقتران الفعلين والتعارض من الطرفين كما لو قال عبد لسيده اعتقني ولك علي الف او قالت المرأة لزوجها طلقني ولك الف فان ذلك بمنزلة قولها بالف اوعلى الف وحينئذ فيكون متى علم الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك .
ونظير الآية قوله تعالى فاعبده وتوكل عليه 2 .
وقوله عقيب ذكر الغيبة واتقوا الله إن الله تواب رحيم 3 ووجه هذا الختام التنبيه على التوبة من الاغتياب وهو من الظلم .
وهاهنا بحث وهو إن الائمة اختلفوا في إن العلم هل يستدعي مطاوعة ام لا على قولين .
احدهما نعم بدليل قوله تعالى من يهد الله فهو المهتدي 4 فاخبر عن كل من هداه الله بانه يهتدي واما قوله واما ثمود فهديناهم 5 فليس منه لان المراد بالهداية فيه الدعوة بدليل فاستحبوا العمى على الهدي 5 .
والثاني لايدل على المطاوعة بدليل قوله وما نرسل بالايات إلا تخويفا 6 وقوله ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا 6 لان التخويف حصل ولم يحصل