الله سبحانه وتعالى سواء وأنه منزل بالحكمة .
3911 - وأجلب أبو عبد الله البكراباذي بأن المحكم كالمتشابه من وجه ويخالفه من وجه فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع وأنه لا يختار القبيح ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه فمن سمعه أمكنه أن يستدل به في الحال والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق ولأن المحكم أصل والعلم بالأصل أسبق ولأن المحكم يعلم مفصلا والمتشابه لا يعلم إلا مجملا .
3912 - وقال بعضهم إن قيل ما الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده به البيان والهدى قلت إن كان مما يمكن علمه فله فوائد .
منها الحث للعلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائقه فإن استدعاء الهمم لمعرفة ذلك من أعظم القرب .
ومنها ظهور التفاضل وتفاوت الدرجات إذ لو كان القرآن كله محكما لا يحتاج إلى تأويل ونظر لاستوت منازل الخلق ولم يظهر فضل العالم على غيره .
3913 - وإن كان مما لا يمكن علمه فله فوائد .
منها ابتلاء العباد بالوقوف عنده والتوقف فيه والتفويض والتسليم والتعبد بالاشتغال به من جهة التلاوة كالمنسوخ وإن لم يجز العمل بما فيه وإقامة الحجة عليهم لأنه لما نزل بلسانهم ولغتهم وعجزوا عن الوقوف على معناه مع بلاغتهم وأفهامهم دل على أنه نزل من عند الله وأنه الذي أعجزهم عن الوقوف على معناه .
3914 - وقال الإمام فخر الدين من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات وقال إنكم تقولون إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه فالجبري متمسك بآيات الجبر كقوله تعالى وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا والقدري يقول هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى ذلك عنهم في معرض الذم في قوله وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر