وتعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون 15 الحجر 9 .
ثم إن التبديل والتغيير مردود من أساسه بقوله سبحانه في سورة يونس وقال الذين لا يرجون لقاءنا أئت بقرءان غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاىء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلى إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون 10 يونس 15 16 .
فإذا كان أفضل الخلق محمد قد تحرج من تبديل القرآن بهذا الأسلوب فكيف يسوغ لأحد مهما كان أمره أن يبدل فيه ويغير بمرادف أو غير مرادف سبحنك هذا بهتن عظيم 24 النور 16 .
الشاهد الخامس أنه لا يجوز منع أحد من القراءة بأي حرف من تلك الأحرف السبعة النازلة .
يدل على ذلك قوله فلا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر وعدم موافقته لعمر وأبي وابن مسعود وعمرو بن العاص على معارضة مخالفيهم بالطرق الآنفة في الأحاديث السالفة .
ويدل على ذلك أيضا دفعه في صدر أبي حين استصعب عليه أن يقر هذا الاختلاف في القراءة .
ولا ريب أن ذلك كله فيه معنى النهي البالغ عن منع أي أحد من القراءة بأي حرف من الأحرف السبعة النازلة .
الشاهد السادس أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا متحمسين في الدفاع عن القرآن مستبسلين في المحافظة على التنزيل متيقظين لكل من يحدث فيه حدثا ولو كان عن طريق الأداء واختلاف اللهجات مبالغين في هذه اليقظة حتى ليأخذون في هذا الباب بالظنة وينافحون عن القرآن بكل عناية وهمة .
وحسبك استدلالا على ذلك ما فعل عمر بصاحبه هشام بن حكيم على حين أن هشاما كان في واقع الأمر على صواب فيما يقرأ وأنه قال لعمر تسويغا لقراءته أقرأنيها رسول الله لكن عمر لم يقنع بل لببه وساقه إلى المحاكمة ولم يتركه حتى قضى رسول الله لهشام بأنه أصاب .
قل مثل ذلك فيما فعل أبي بن كعب بصاحبه وما كان من ابن مسعود وعمرو بن العاص وصاحبيهما .
والأحاديث بين يديك عن كثب فارجع إليها إن أردت .
الشاهد السابع أنه لا يجوز أن نجعل اختلاف القراءات معركة جدال ونزاع وشقاق ولا مثار تردد وتشكيك وتكذيب ولا سلاح عصبية وتنطع وجمود .
على حين أن نزول القرآن على سبعة أحرف إنما كانت حكمته من الله التيسير والتخفيف والرحمة والتهوين على الأمة فما يكون لنا أن نجعل من هذا اليسر عسرا ومن هذه الرحمة نقمة .
يرشد إلى ذلك قوله فيما سبق فلا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر .
وكذلك تغير وجهه الشريف عند اختلافهم مع قوله إنما أهلك من قبلكم الاختلاف وضربه في صدر أبي بن كعب حين جال بخاطره حديث السوء في هذا الموضوع الجليل