وتستلزم أيضا أن يبقى قول الرسول إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف عاريا عن الفائدة غير نافذ الأثر حتى يولد القراء السبعة المعروفون وتؤخذ القراءة عنهم .
وذلك باطل أيضا يكذبه الواقع من قراءة النبي صلوات الله وسلامه عليه وقراءة أصحابه وتابعيه بالأحرف السبعة من قبل أن يولد القراء السبعة المعروفون .
قال المحقق ابن الجزري فلو كان الحديث منصرفا إلى قراءات السبعة المشهورين أو سبعة غيرهم من القراء الذين ولدوا بعد التابعين لأدى ذلك إلى أن يكون الخبر عاريا عن الفائدة إلى أن يولد هؤلاء السبعة فتؤخذ عنهم القراءة وأدى أيضا إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرأ إلا بما يعلم أن هؤلاء السبعة من القراء إذا ولدوا وتعلموا اختاروا القراءة به .
وهذا باطل إذ طريق أخذ القراءة أن تؤخذ عن إمام ثقة لفظا عن لفظ إماما عن إمام .
إلى أن يتصل بالنبي ا ه .
المبحث السابع .
في المكي والمدني من القرآن الكريم .
ليس من غرضنا في هذا المبحث أن نستقصي بالتفصيل والتدليل آيات القرآن الكريم وسوره .
وأن نحقق ما كان منها مكيا وما كان مدنيا فتلك محاولة كبيرة جديرة أن تفرد بالتأليف وقد أفردها فعلا بالتأليف جماعة منهم مكي والعز الدريني .
ولكن حسبنا هنا أن نتكلم على الاصطلاحات في معنى المكي والمدني وعلى فائدة العلم بالمكي والمدني وعلى الطريق الموصلة إليه وعلى الضوابط التي يعرف بها وعلى السور المكية والمدنية والمختلف فيها وعلى أنواع السور المكية والمدنية وعلى أوجه تتعلق بالمكي والمدني وعلى فروق أخرى بين المكي والمدني صيغت من بعضها مطاعن في القرآن وعلى دفع تلك المطاعن ونقضها .
1 - الاصطلاحات في معنى المكي والمدني .
للعلماء في معنى المكي والمدني ثلاثة اصطلاحات .
الأول أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة والمدني ما نزل بالمدينة .
ويدخل في مكة ضواحيها كالمنزل على النبي بمنى وعرفات والحديبية .
ويدخل في المدينة ضواحيها أيضا كالمنزل عليه في بدر وأحد .
وهذا التقسيم لوحظ فيه مكان النزول كما ترى .
لكن يرد عليه أنه غير ضابط ولا حاصر لأنه لا يشمل ما نزل بغير مكة والمدينة وضواحيهما كقوله سبحانه في سورة التوبة لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لأتبعوك 9 التوبة 42 الخ