وللإمام أبي بكر الباقلاني أجوبة ثمانية يحاول بها دفع إشكال هذا الحديث .
لكن ابن حجر ضعفها وغيره فندها .
والخطب سهل على كل حال وفيما ذكرناه كفاية للخروج من هذا الإشكال .
غير أنه لا يفوتني أن أقضي لك على هذا الإشكال بكلمة أعجبتني عن المازري إذ يقول ما نصه وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا متمسك لهم فيه فإنا لا نسلم حمله على ظاهره سلمناه .
ولكن من أين لهم أن الواقع في نفس الأمر كذلك سلمناه لكن لا يلزم من كون كل من الجم الغفير لم يحفظه كله ألا يكون حفظ مجموعه الجم الغفير .
وليس من شرط التواتر أن يحفظ كل فرد جميعه بل إذا حفظ الكل الكل ولو على التوزيع كفى وقال القرطبي قد قتل يوم اليمامة سبعون وقتل في عهد النبي ببئر معونة مثل هذا العدد .
قال وإنما خص أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم اه .
ثم إن ما ذكرناه في هذا المقام لا يتجاوز دائرة الصحابة الذين جمعت صدورهم كتاب الله في حياة رسول الله .
أما بعد وفاته E فقد أتم حفظ القرآن آلاف مؤلفة من الصحابة واشتهر بإقراء القرآن من بينهم سبعة عثمان وعلي وأبي بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري .
كلهم جمعوا التنزيل بين حنايا صدورهم وأقرؤوه لكثير غيرهم .
جازاهم الله أحسن الجزاء .
آمين .
ولعلك أيها القارىء الكريم لا تستكثر منا هذا المجهود الطويل في حديث أنس السابق فإن بعض الملاحدة قد أتخذ منه مثارا للطعن في تواتر القرآن .
ومن وظيفتنا أن نرد المطاعن ونفحم الطاعن .
فأردنا أن نشبع الكلام في هذا الموضوع عند هذه المناسبة أداء للواجب من ناحية ولنستغني عن إيراده في الشبهات الآتية من ناحية أخرى .
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز 22 الحج 40 .
جمع القرآن بمعنى كتابته في عهد رسول الله .
قلنا إن همة الرسول وأصحابه كان متصرفة أول الأمر إلى جمع القرآن في القلوب بحفظه واستظهاره ضرورة أنه نبي أمي بعثه الله في الأميين .
أضف إلى ذلك أن أدوات الكتابة لم تكن ميسورة لديهم في ذلك العهد .
ومن هنا كان التعويل على الحفظ في الصدور يفوق التعويل على الحفظ بين السطور .
على عادة العرب أيامئذ من جعل صفحات صدورهم وقلوبهم دواوين لأشعارهم وأنسابهم ومفاخرهم وأيامهم