ومن العجائب في وسائل إيضاحه E أنه كان يستعين برسم يديه الكريمتين على توضيح المعاني وتقريبها إلى الأذهان مع أنه النبي الأمي الذي لم يقرأ كتابا ولم يجلس إلى أستاذ ولم يذهب إلى مدرسة ولم يدرس الرسم ولا الهندسة .
نقرأ في صحيح البخاري عن ابن مسعود Bه قال خط لنا رسول الله خطا مربعا وخط وسطه خطا وخط خطوطا إلى جنب الخط أي الذي في الوسط وخط خطا خارجا .
فقال أتدرون ما هذا قلنا الله ورسوله أعلم .
قال هذا الإنسان يريد الخط الذي في الوسط وهذا الأجل محيط به يريد الخط المربع وهذه الأعراض تنهشه يشير إلى الخطوط التي حوله إن أخطأه هذا نهشه هذا وهذا الأمل يعني الخط الخارج .
ومن سياسته الحكيمة في التعليم والتربية أنه كان ينتهز فرصة الخطأ في أفهامهم فيصحح لهم الفكرة في حينها ويلقنهم تعاليمه السامية ونفوسهم مستشرفة لها .
من ذلك ما يقصه علينا البخاري ومسلم عن أنس Bه قال جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها أي رأوها قليلة وقالوا أين نحن من رسول الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فأصلي الليل أبدا .
وقال الآخر وأنا أصوم الدهر أبدا .
وقال الآخر وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا .
فجاء رسول الله فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم لله ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني .
وكان من وسائل إيضاحه تمثيله بالعمل .
يصلي ويقول صلوا كما رأيتموني أصلي ويحج ويقول خذوا عني مناسككم ويشير بأصبعيه السبابة والوسطى ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين كما تقدم في رواية مسلم .
العامل الحادي عشر .
الترغيب والترهيب اللذان يفيض بهما بحر الكتاب والسنة ولا ريب أن غريزة حب الإنسان لنفسه تدفعه إلى أن يحقق لها كل خير وأن يحميها من كل شر سواء ما كان فيهما من عاجل وما كان من آجل ومن هنا تحرص النفوس الموفقة على وعي هداية القرآن وهدي الرسول وتعمل جاهدة على أن تحفظ منهما ما وسعها الإمكان .
أما النفوس الضالة المخذولة فإنها مصروفة عن هذه السعادة بصوارف الهوى والشهوة أو محجوبة عن هذا المقام بحجاب التعصب والجمود على الفتنة أو مرتطمة بظلام الجهل في أوحال الضلال والنكال