دون بعض كحذف الألف من قرءانا بيوسف والزخرف وإثباتها في سائر المواضع وإثبات الألف بعد واو سموات في فصلت وحذفها من غيرها .
وإثبات الألف في الميعاد مطلقا وحذفها من الموضع الذي في الأنفال وإثبات الألف في سراجا حيثما وقع وحذفه من موضع الفرقان وكيف تتوصل إلى فتح بعض التاءات وربطها في بعض فكل ذلك لأسرار إلهية وأغراض نبوية .
وإنما خفيت على الناس لأنها أسرار باطنية لا تدرك إلا بالفتح الرباني فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المتقطعة التي في أوائل السور فإن لها أسرارا عظيمة ومعاني كثيرة .
وأكثر الناس لا يهتدون إلى أسرارها ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهية التي أشير إليها فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن حرفا بحرف .
وأما قول من قال إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور فلا يخفى ما في كلامه من البطلان لأن القرآن كتب في زمان النبي وبين يديه .
وحينئذ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة إما أن يكون هو عين الهيئة أو غيرها فإن كان عينها بطل الاصطلاح لأن أسبقية النبي تنافي ذلك وتوجب الاتباع .
وإن كان غير ذلك فكيف يكون النبي كتب على هيئة كهيئة الرسم القياسي مثلا والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى فلا يصح ذلك لوجهين أحدهما نسبة الصحابة إلى المخالفة وذلك محال ثانيهما أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن ولا نقصان حرف منه .
وما بين الدفتين كلام الله D فإذا كان النبي أثبت ألف الرحمن والعالمين مثلا ولم يزد الألف في مائة ولا في ولأوضعوا ولا الياء في بأيد ونحو ذلك والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه لزم أنهم وحاشاهم من ذلك تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان ووقعوا فيما أجمعوا هم وغيرهم على ما لا يحل لأحد فعله ولزم تطرق الشك إلى جميع ما بين الدفتين لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف ناقصة أو زائدة على ما في علم النبي وعلى ما عنده وأنها ليست بوحي ولا من عند الله ولا نعلمها بعينها شككنا في الجميع .
ولئن جوزنا لصحابي أن يزيد في كتابته حرفا ليس بوحي لزمنا أن نجوز لصاحبي آخر نقصان حرف من الوحي إذ لا فرق بينهما وحينئذ تنحل عروة الإسلام بالكلية .
ثم قال ابن المبارك بعد كلام .
فقلت له فإن كان الرسم توقيفيا بوحي إلى النبي وأنه كألفاظ القرآن فلم لم ينقل تواترا حتى ترتفع عنه الريبة وتطمئن به القلوب كألفاظ القرآن فإنه ما من حرف إلا وقد نقل تواترا لم يقع فيه اختلاف ولا اضطراب .
وأما الرسم فإنه إنما نقل بالآحاد كما يعلم من الكتب الموضوعة فيه .
وما نقل بالآحاد وقع الاضطراب بين النقلة في كثير منه .
وكيف تضيع الأمة شيئا من الوحي .
فقال ما ضيعت الأمة شيئا من الوحي والقرآن بحمد الله محفوظ ألفاظا ورسما .
فأهل العرفان والشهود