أما التأويل في اصطلاح المفسرين فإنه يختلف معناه فبعضهم يرى أنه مرادف للتفسير وعلى هذا فالنسبة بينهما التساوي ويشيع هذا المعنى عند المتقدمين ومنه قول مجاهد إن العلماء يعلمون تأويله يعني القرآن وقول ابن جرير في تفسيره القول في تأويل قوله تعالى كذا واختلف أهل التأويل في هذه الآية .
وبعضهم يرى أن التفسير يخالف التأويل بالعموم والخصوص فقط ويجعل التفسير أعم مطلقا وكأنه يريد من التأويل بيان مدلول اللفظ بغير المتبادر منه لدليل ويريد من التفسير بيان مدلول اللفظ مطلقا أعم من أن يكون بالمتبادر أو بغير المتبادر .
وبعضهم يرى أن التفسير مباين للتأويل فالتفسير هو القطع بأن مراد الله كذا والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون قطع وهذا هو قول الماتريدي أو التفسير بيان اللفظ عن طريق الرواية والتأويل بيان اللفظ عن طريق الدراية أو التفسير هو بيان المعاني التي تستفاد من وضع العبارة والتأويل هو بيان المعاني التي تستفاد بطريق الإشارة وقد اشتهر هذا عند المتأخرين كما نبه إليه العلامة الألوسي إذ قال بعد استعراضه للآراء في هذا الموضوع ما نصه كل ما قيل مما ذكرنا وما لم نذكر مخالف للعرف اليوم إذ قد تعورف عند المؤلفين من غير نكير أن التأويل معان قدسية ومعارف ربانية تنهل من سحب الغيب على قلوب العارفين والتفسير غير ذلك اه بتصرف فأنت ترى أنه جعل التأويل خاصا بما كان مأخوذا بالإشارة والتفسير بما كان مفهوما من العبارة .
التفسير تفسيران .
لكن التفسير على نوعين بالإجمال أحدهما تفسير جاف لا يتجاوز حل الألفاظ وإعراب الجمل وبيان ما يحتويه نظم القرآن الكريم من نكات بلاغية وإشارات فنية وهذا النوع أقرب إلى التطبيقات العربية منه إلى التفسير وبيان مراد الله من هداياته .
النوع الثاني تفسير يجاوز هذه الحدود ويجعل هدفه الأعلى تجلية هدايات القرآن وتعاليم القرآن وحكمه الله فيما شرع للناس في هذا القرآن على وجه يجتذب الأرواح ويفتح القلوب ويدفع النفوس إلى الاهتداء بهدي الله وهذا هو الخليق باسم التفسير وفيه يساق الحديث إذا تكلمنا عن فضله والحاجة إليه