الأمر الثاني أن يكون أولئك الثلاثة قد رووا ما رووه على أنه مما كان في الإسرائيليات فتقبلها الآخذون على أنها من الإسلاميات ولهذا يجب النظر في هذه المرويات فإن كانت مما يقرره الإسلام قبلناها وإن كانت مما يرده رددناها وإن كانت مما سكت عنه سكتنا عنها عملا بقوله إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم رواه البخاري بهذا اللفظ ورواه أحمد والبزار من حديث جابر بلفظ لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا وإنكم إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له إلا اتباعي وسبب هذا الحديث أن النبي علم أن عمر كتب شيئا من التوراة عن اليهود فغضب وقاله ط .
تدوين التفسير بالمأثور وخصائص الكتب المؤلفة في ذلك .
جاء قرن تابعي التابعين وفيه ألفت تفاسير كثيرة جمعت من أقوال الصحابة والتابعين كتفسير سفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهوية وروح بن عبادة وعبد بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن أبي طلحة والبخاري وآخرين ومن بعدهم ألف ابن جرير الطبري كتابه المشهور وهو من أجل التفاسير ثم ابن أبي حاتم وابن ماجه والحاكم وابن مردويه وابن حبان وغيرهم .
وليس في تفاسير هؤلاء إلا ما هو مسند إلى الصحابة والتابعين وتابعيهم ما عدا ابن جرير فإنه تعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض وذكر الإعراب والاستنباط .
تفسير ابن جرير .
ابن جرير هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري ولد سنة 224 أربع وعشرين ومائتين وتوفي سنة 310 عشر وثلاثمائة كان فريد عصره ووحيد دهره علما وعملا وحفظا لكتاب الله وخبرة بمعانيه وإحاطة بالآيات ناسخها ومنسوخها وبطرق الرواية صحيحها وسقيمها وبأحوال الصحابة والتابعين .
لذلك كان تفسيره من أجل التفاسير بالمأثور وأصحها وأجمعها لما ورد عن الصحابة والتابعين عرض فيه لتوجيه الأقوال ورجح بعضها على بعض وذكر فيه كثيرا من الإعراب واستنباط الأحكام وقد شهد العارفون بأنه لا نظير له في التفاسير .
قال النووي في تهذيبه كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله وقال أبو