ومتصرف في طلب الحيل في جمع الأموال والجاه واستكثار الأسباب ومتوجه بالكلية إليها فمتى وجه وجهه للذي فطر السماوات والأرض وهذه الكلمة خبر عن حقيقة التوحيد فالموحد هو الذي لا يرى إلا الواحد ولا يوجه وجهه إلا إليه وهو امتثال قوله تعالى قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون وليس المراد به القول باللسان فإنما اللسان ترجمان يصدق مرة ويكذب أخرى وإنما موقع نظر الله المترجم عنه وهو القلب وهو معدن التوحيد ومنبعه اه .
وإياك أن تفهم منه الغض من علم التوحيد خصوصا بعد أن صرح هنا بأنه يحمي قشرة العقيدة عن تشويش المبتدعة ولكن نقده ينصب على الإسراف في القشور وإهمال اللباب كما سمعت .
تحقيق للأستاذ الإمام .
وللأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده كلام في هذه المسألة بحاشيته على العقائد العضدية توسع فيه كثيرا مع الفرق المخالفة حين عرض لحديث الترمذي أنه ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فزقة كلها في النار إلا واحدة قيل ومن هم قال الذين هم على ما أنا عليه وأصحابي ثم ختم الشيخ بحثه فقال .
والحق الذي يرشد إليه الشرع والعقل أن يذهب الناظر المتدين إلى إقامة البراهين الصحيحة على إثبات صانع واجب الوجود ثم منه إلى إثبات النبوات ثم يأخذ كل ما جاءت به النبوات بالتصديق والتسليم بدون فحص فيما تكنه الألفاظ إلا فيما يتعلق بالأعمال على قدر الطاقة ثم يأخذ طريق التحقيق في تأسيس جميع عقائده بالبراهين الصحيحة كان ما أدت إليه ما كان لكن بغاية التحري والاجتهاد .
ثم إذا فاء من فكره إلى ما جاء من عند ربه فوجده بظاهره ملائما لما حققه فليحمد الله على ذلك وإلا فليطرق عن التأويل ويقول ءامنا به كل من عند ربنا فإنه لا يعلم مراد الله ونبيه إلا الله ونبيه على هذا المنوال يكون نسجه فيبوء من الله برضوان حيث أسس عقائده على السديد من البراهين واستقبل الأخبار الإلهية بالقبول والتسليم وتناولها بقلب سليم .
وإن أراد التأويل لغرض كدفع معاند أو إقناع جاحد فلا بأس عليه إذا سلم برهانه من التقليد والتشويش وهذا هو دأب مشايخنا كالشيخ الأشعري والشيخ أبي منصور ومن مائلهم لا يأخذون قولا حتى يسددوه ببراهينهم القوية على حسب طاقتهم وهذا ما يعني باسم السني والصوفي والحكيم وكل متحزب مجادل فإنما يبغي العنت وتشتيت الكلمة