رابعها العلم يوجه هداية البشر كلهم القرآن فيجب على المفسر القائم بهذا الفرض الكفائي أن يعلم ما كان عليه الناس في عصر النبوة من العرب وغيرهم لأن القرآن ينادي بأن الناس كلهم كانوا في شقاء وضلال وأن النبي بعث به لهدايتهم وإسعادهم وكيف يفهم المفسر ما قبحته الآيات من عوائدهم على وجه الحقيقة أو ما يقرب منها إذا لم يكن عارفا بأحوالهم وما كانوا عليه يروى عن عمر Bه أنه قال إن أجهل الناس بأحوال الجاهلية هو الذي يخشى ان ينقض عرى الإسلام عروة عروة أه بالمعنى والمراد أن من نشأ في الإسلام ولم يعرف حال الناس قبله يجهل تأثير هدايته وعناية الله بجعله مغيرا لأحوال البشر ومخرجا لهم من الظلمات إلى النور .
ومن جهل هذا يظن أن الإسلام أمر عادي كما ترى بعض الذين يتربون في النظافة والنعيم يعدون التشديد في الأمر بالنظافة والسواك من قبيل اللغو لأنه من ضروريات الحياة عندهم ولو اختبروا غيرهم من طبقات الناس لعرفوا الحكمة في تلك الأوامر وتأثير تلك الآداب من اين جاء .
خامسها العلم بسيرة النبي وأصحابه وما كانوا عليه من علم وعمل وتصرف في الشؤون دنيويها وأخرويها انتهى من تفسير المنار بتصرف قليل .
الاختلاف في جواز التفسير بالرأي .
يختلف العلماء في التفسير بالرأي بين مجيز ومانع والتحقيق ما قدمناه بين يديك من الجواز بشروطه والمنع عند عدم توافر شروطه وأن ذلك في غير أدنى مراتب التفسير أما هذا الأدنى فهو جائز من غير اعتبار تلك الشروط لأن الله يسره حتى للعامة كما أسلفنا ونسوق إليك هنا أدلة المانعين والمجيزين لتزداد بصيرة وتنورا في هذا الموضوع .
أدلة المعانعين .
يستدل المانعون بأدلة الأول أن التفسير بالرأي قول على الله بغير علم والقول على الله بغير علم منهي عنه فالتفسير بالرأي منهي عنه .
دليل الصغرى أن المفسر بالرأي ليس متيقنا أنه مصيب وقصارى أمره أنه يظن والقائل بالظن قائل على الله بغير علم ودليل الكبرى قوله تعالى وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون المعطوف على ما قبله من المحرمات في قوله سبحانه قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون