وأهدى سبيلا وأنجح تشريعا وأنجع سياسة من تلكم الأمم المتمدنية المتحضرة التي أفلست في تحريم الخمر على شعوبها أفظع إفلاس وفشلت أمر فشل .
وما عهد أمريكا في مهزلة تحريمها الخمر ببعيد .
أليس ذلك إعجازا للإسلام في سياسة الشعوب وتهذيب الجماعات وتربية الأمم بلى والتاريخ على ذلك من الشاهدين .
خامسها تثبيت قلوب المؤمنين وتسليحهم بعزيمة الصبر واليقين بسبب ما كان يقصه القرآن عليهم الفينة بعد الفينة والحين بعد الحين من قصص الأنبياء والمرسلين وما كان لهم ولأتباعهم مع الأعداء والمخالفين وما وعد الله به عباده الصالحين من النصر والأجر والتأييد والتمكين .
والآيات في ذلك كثيرة حسبك منها قول العلي الكبير في سورة النور وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصلحت ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفسقون 24 النور 55 .
وقد صدق الله وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العلمين 6 الأنعام 45 .
ويمكن أن تندرج هذه الحكمة الثانية بما انضوى تحتها في قول الله تعالى في سورة الإسراء وقرءانا فرقنه لتقرأه على الناس على مكث 17 الإسراء 106 كما يمكن أن يفسر بها قوله تعالى في سورة الفرقان في بيان أسرار التنجيم ورتلنه ترتيلا 25الفرقان 32 باعتبار أن التنوين للتعظيم إشارة إلى المعاني المنطوية تحت هذا الترتيل .
الحكمة الثالثة .
مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها فكلما جد منهم جديد نزل من القرآن ما يناسبه وفصل الله لهم من أحكامه ما يوافقه وتنتظم هذه الحكمة أمورا أربعة .
أولها إجابة السائلين على أسئلتهم عندما يوجهونها إلى الرسول .
سواء أكانت تلك الأسئلة لغرض التثبت من رسالته .
كما قال الله تعالى في جواب سؤال أعدائه إياه ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 17 الإسراء 85 في سورة الإسراء وقوله ويسئلونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا 18 الكهف 83 الخ الآيات في هذا الموضوع من سورة الكهف .
أم كانت لغرض التنور ومعرفة حكم الله كقوله تعالى في سورة البقرة ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو 2 البقرة 219 ويسئلونك عن اليتمى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم 2 البقرة 220