ضللنا أهل هذا العرف من ناحية ثم نكون قد بخسنا القرآن حقه من الإجلال والإكبار من ناحية أخرى فزعمنا أن له مثلا يناصيه وشبيها يحاكيه على حين أن الذي جئنا به ما هو إلا صورة مصغرة لجزء منه وبين هذه الصورة وجلال الأصل مراحل شتى كالذي يصور الجزء الأسفل من إنسان عظيم ثم يقول للناس هذه صورة فلان العظيم .
ثانيا أن تلك المعاني التابعة الثانوية فياضة بهدايات زاخرة ومعارف واسعة فلا نسلم أن معاني القرآن الأولية وحدها هي مصدر هداياته وارجع إلى ما ذكرناه سابقا في هذا الصدد فإن فيه الكفاية .
الشبهة الخامسة ودفعها .
يقولون إن الذين ترجموا القرآن إلى اللغات الأجنبية غيروا معانيه وشوهوا جماله وأخطأوا أخطاء فاحشة فإذا نحن ترجمنا القرآن بعناية أمكن أن نصحح لهم تلك الأخطاء وأن نرد إلى القرآن الكريم اعتباره في نظر أولئك الذين يقرؤون تلك الترجمات الضالة وأن نزيل العقبات التي وضعت في طريقهم إلى هداية الإسلام وبذلك نكون قد أدينا رسالتنا في النشر والدعوة إلى هذا الدين الحنيف .
ونجيب على هذا بأن الذين زعموا ترجموا القرآن ترجمة عربية شوهوا جماله وغضوا من مقامه باعترافكم فإن أنتم ترجمتم ترجمتهم وحاولتم محاولتهم فستقعون لا محالة في قريب مما وقعوا فيه وستمسون بدوركم عظمة هذا القرآن وجلاله مهما بالغتم في الحيطة وأمعنتم في الدقة ونبغتم في العلم وتفوقتم في الفهم لأن القرآن أعز وأمنع من أن تناله ريشة أي مصور كان من إنس أو جان كما بينا ذلك أوفى بيان .
أما إذا حاولتم ترجمة القرآن على معنى تفسيره بلغة أجنبية فذلك موقف آخر نؤيدكم فيه ونوافقكم عليه وندعو القادرين إليه .
الشبهة السادسة ودفعها .
يقولون جاء في صريح السنة ما يؤيد القول بجواز ترجمة القرآن فقد قال الشربنلالي في كتابهة النفحة القدسية ما نصه .
روي أن أهل فارس كتبوا إلى سلمان أن يكتب لهم الفاتحة بالفارسية فكتب لهم بسم الله الرحمن الرحيم بنام يزدان يحشايند فكانوا يقرؤون ذلك في الصلاة حتى لانت ألسنتهم وبعد ما كتب عرضه على النبي كذا في المبسوط قاله في النهاية والدراية