بالأعجمية وقعت في غير ركن وفي غير واجب للصلاة لما هو مقرر في مذهب الشافعية من أن قراءة ما زاد على الفاتحة ليس واجبا في الصلاة بحال وهذا لا ينافي أن القرءاة بالأعجمية محرمة كما سبق في نصوص الشافعية بين يديك وكما عرف من كلام الشافعي نفسه وقد أسلفناه قريبا ولهذه المسألة نظائر منها الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها محرمة ومع حرمتها فإنها صحيحة ويؤيد حرمة القرءاة بالأعجمية أن الشافعي في كلامه هنا قد سوى بين اللحن والقراءة بالأعجمية ونظمهما في سلك واحد مع ما هو معلوم من أن اللحن في القرآن حرام بإجماع المسلمين .
كلمة للمحقق الشاطبي .
قال الشاطبي وهو من أعلام المالكية من كتابه الموافقات تحت عنوان منع ترجمة القرآن ما نصه للغة العرب من حيث هي ألفاظ دالة على معان نظران أحدهما من جهة كونها ألفاظ وعبارات دالة على معان مطلقة وهي الدلالة الأصلية والثاني من جهة كونها ألفاظ وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة وهي الدلالة التابعة فالجهة الأولى هي التي تشترك فيها الألسنة وإليها تنتهي مقاصد المتكلمين ولا تختص بأمة دون أخرى فإنه إذا حصل في الوجود فعل لزيد مثلا كالقيام ثم أراد كل صاحب لسان الإخبار عن زيد بالقيام تأتى له ما أراد من غير كلفة ومن هذه الجهة يمكن في لسان العرب الإخبار عن أقوال الأولين ممن ليسوا من أهل اللغة العربية وحكاية كلامهم ويتأتى في لسان العجم حكاية أقوال العرب والإخبار عنها وهذا إشكال فيه وأما الجهة الثانية فهي التي يختص بها لسان العرب في تلك الحكاية وذلك الإخبار فإن كل خبر يقتضي في هذه الحالة أمورا خادمة لذلك الإخبار بحسب المخبر والمخبر عنه والمخبر به ونفس الإخبار في الحال والمساق ونوع الأسلوب من الإيضاح والإخفاء والإيجاز والإطناب وغير ذلك وبعد أن مثل الشاطبي لهذا بنحو ما مثلنا سابقا قال وبهذا النوع الثاني اختلفت العبارات وكثير من أقاصيص القرآن لأنه يأتي مساق القصة في بعض السور على وجه وفي بعضها على وجه آخر وفي ثالثة على وجه ثالث وهكذا ما تقرر فيه من الإخبار لا بحسب النوع الأول إلا إذا سكت عن بعض التفاصيل في بعض ونص عليه في بعض وذلك أيضا لوجه اقتضاه الحال والوقت وما كان ربك نسيا .
ثم قال إذا ثبت هذا فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير أي الدلالة التابعة من الكلام أن يترجم كلاما العربي بكلام العجم فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربي إلا مع فرض استواء اللسانين في استعمال ما تقدم تمثيله ونحوه فإذا ثبت ذلك