ثانيها أن سفراء الرسول وهم الذين ساقهم الغزالي هنا مساق الاستدلال لم يترجموا القرآن للأعاجم ولو ترجموه لنقل تواترا لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره إنما كانوا يترجمون تعاليم الإسلام وأوامر الرسول كما ذكر الغزالي نفسه .
ثالثها أن الغزالي في عبارته المسطورة قد صرح بأن ما تعبدنا الله فيه باللفظ لا تجوز روايته بالمعنى وعلى هذا لا يجوز أن يترجم بالأولى ولا ريب أن القرآن الكريم متعبد بلفظه إجماعا فلا يجوز أن يروى بالمعنى ولا أن يترجم أبدا .
أن عبارة الغزالي في كتابه الوجيز ص 26 27 موافقة بالنص لما جاء في كتب الشافعية إذ يقول لا تقوم ترجمة الفاتحة مقامها ولا تجزئ الترجمة للعاجز عن العربية وعبارته في كتابه إلجام العوامو ص 14 - 19 يذهب فيها مذهب المتشددين فيقول بوجوب إبقاء أسماء الله وصفاته والمتشابه من الحديث على ما هي عليه وعدم النطق بها وبألفاظ القرآن بغير العربية .
موقف الأزهر من ترجمة القرآن الكريم .
منذ بضع سنوات اتجه الأزهر اتجاها قويا إلى بحث موضوع ترجمة القرآن الكريم وانتهى الأمر بعد طول النقاش والحوار إلى أن وقررت مشيخته الجليلة ترجمة تفسيره وتألفت بالفعل لجنة من خيره علمائه ورجالات وزارة المعارف لوضع تفسير عربي دقيق للقرآن تمهيدا لترجمته ترجمة دقيقة بزساطة لجنة فنية مختارة وقد اجتمعت لجنة التفسير بضع مرات برياسة العلامة الباحث مفتي مصر الأكبر وكان نمن أثر هذه الاجتماعات أن وضعت دستورا تلتزمه في عملها العظيم ثم بعثت بهذا الدستور إلى كبار العلماء والجماعات الإسلامية في الأقطار الأخرى لتستطلعم آراءهم في هذا الدستور رغبة منها في أن يخرج هذا التفسير العربي في صورة ما أجمع عليه إلا يكنه .
وبما أن هذا الدستور قد حوى من ألوان الحيطة والحذر ما يتفق وجلال الغاية فإنا نعرض عليك هنا مواده وقواعده لتضيفها أنت إلى ما أبديناه من التحفظات السابقة وها هي تلك القواعد كما جاءت في مجلة الأزهر من المجلد السابع .
أن يكون التفسير خاليا ما أمكن من المصطلحات والمباحث العلمية إلا ما استدعاه فهم الآية .
ألا يتعرض فيه للنظريات العلمية فلا يذكر مثلا التفسير العلمي للرعد والبرق عند آية فيها رعد وبرق ولا رأي الفلكيين في السماء والنجوم عند آية فيها سماء ونجوم إنما تفسير الآية بما يدل عليه اللفظ العربي ويوضح موضع العبرة والهداية فيها