ثالثتها أن هذا التعريف يشمل النسخ الواقع في الكتاب وفي السنة جميعا سواء أكانت السنة قولية أم فعلية أو وصفية أم تقريرية وسواء منها ما كان نبويا وما كان قدسيا لأنها كلها وحي بالفعل أو بالقوة والرسول أقامه الله في محراب الإمامة لخلقه وجعله الأسوة الحسنة لعباده وأمر الجميع باتباعه فهو إذن لا يمكن أن يصدر فيما يشرع لأمته ابتداء أو نسخا إلا عن إيحاء الله إليه تصريحا أو تقريرا .
مثال نسخ الكتاب بالكتاب قوله سبحانه لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج فإنها نسخت بقوله سبحانه يأيها النبي إنا أحللنا لك أزوجك التي ءاتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفآء الله عليك وبنات عمك وبنات عمتك وبنات خالك وبنات خلتك التي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين .
ومثال نسخ السنة بالسنة نسخ الوضوء مما مست النار بأكله من الشاة ولم يتوضأ .
رابعتها أن الإضافة في كلمة رفع الحكم الشرعي الواردة في تعريف النسخ من قبيل إضافة المصدر لمفعوله والفاعل مضمر وهو الله تعالى وذلك يرشد إلى أن الناسخ في الحقيقة هو الله كما يدل عليه قوله سبحانه ما ننسخ من ءاية أو ننسها ويرشد أيضا إلى أن المنسوخ في الحقيقة هو الحكم المرتفع وقد يطلق الناسخ على الحكم الرافع فيقال وجوب صوم رمضان نسخ وجوب صوم عاشوراء وقد يطلق النسخ على دليله كذلك فيقال آية المواريث نسخت آية الوصية للوالدين والأقربين ويقال خبر أكل الرسول من الشاة ولم يتوضأ ناسخ لخبر وضوئه مما مست النار وهلم والخطب في ذلك جد يسير .
ما لا بد منه في النسخ .
ولعلك تدرك مما سبق أنه لا بد في تحقق النسخ من أمور أربعة .
أولها أن يكون المنسوخ حكما شرعيا .
ثانهيا أن يكون دليل رفع الحكم دليلا شرعيا .
ثالثها أن يكون هذا الدليل الرافع متراخيا عن دليل الحكم الأول غير متصل به كاتصال القيد بالمقيد والتأقيت بالمؤقت .
رابعها أن يكون بين ذينك الدليلين تعارض حقيقي