أشهر الأنواع وأكثرها .
ووحي القرآن كله من هذا القبيل وهو المصطلح عليه بالوحي الجلي .
قال الله تعالى في سورة الشعراء نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين 26 الشعراء 193 - 195 .
ثم إن ملك الوحي يهبط هو الآخر على أساليب شتى فتارة يظهر للرسول في صورته الحقيقية الملكية .
وتارة يظهر في صورة إنسان يراه الحاضرون ويستمعون إليه .
وتارة يهبط على الرسول خفية فلا يرى ولكن يظهر أثر التغير والانفعال على صاحب الرسالة فيغط غطيط النائم ويغيب غيبة كأنها غشية أو إغماء وما هي في شيء من الغشية والإغماء إن هي إلا استغراق في لقاء الملك الروحاني وانخلاع عن حالته البشرية العادية فيؤثر ذلك على الجسم فيغط ويثقل ثقلا شديدا قد يتصبب منه الجبين عرقا في اليوم الشديد البرد .
وقد يكون وقع الوحي على الرسول كوقع الجرس إذا صلصل في أذن سامعه وذلك أشد أنواعه .
وربما سمع الحاضرون صوتا عند وجه الرسول كأنه دوي النحل لكنهم لا يفقهون كلاما ولا يفقهون حديثا .
أما هو صلوات الله وسلامه عليه فإنه يسمع ويعي ما يوحى إليه ويعلم علما ضروريا أن هذا هو وحي الله دون لبس ولا خفاء ومن غير شك ولا ارتياب فإذا انجلى عنه الوحي وجد ما أوحي إليه حاضرا في ذاكرته منتقشا في حافظته كأنما كتب في قلبه كتابة .
والأدلة الشرعية على ما ذكرنا كثيرة في الكتاب والسنة منها ما قصصنا عليك في تنزلات القرآن ومنها قوله تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 53 النجم 3 - 4 .
ومنها الحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين Bها أن الحارث بن هشام سأل رسول الله فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال .
وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا .
ب - الوحي من ناحية العلم .
اعلم أن أعداء الوحي ومنكريه لا يؤمنون بالشرع وأدلة الشرع .
إنما يؤمنون بالعقل على الطريقة التي يستسيغونها وبالعلم الذي تواضعوا عليه في اصطلاحهم الحديث وهو جملة المعارف اليقينية التي أنتجها دستور البحث الجديد في الوجود وكائناته من جعل الشك أساسا للبحث والاستناد إلى القاطع الذي يؤيده الحس دون سواه فهم يقدمون الشك ويمعنون فيه ثم لا يعترفون إلا بالحسيات ولا يحفلون بمجرد العقليات .
ومن هنا