خامسها قالوا إن إبراهيم قد أدى الواجب وذبح ولده فعلا ولكن الجرح قد اندمل وعنق الذبيح قد اتصل والتأم فلا نسخ .
والجواب أولا أن هذه الرواية موضوعة أيضا بل هي أدخل في الكذب وأبعد عن ظاهر آيات القصة من الرواية السابقة ولو حصل ذلك لحدثنا القرآن به لأنه ليس أقل شأنا من أمر الفداء أو لحدثنا الرسول به على الأقل ولو كان النقل متواترا لأن مثله مما تتوافر الدواعي على نقله وتواتره .
ثانيا أن هذا الواجب إذا كان قد أدى على أتم وجوهه وذبح إبراهيم ولده بالفعل ولم يحدث مانع ولم يوجد ناسخ فأي معنى للفداء .
سادسها قالوا لا نسلم أن وجوب الذبح قد سقط عن إبراهيم بورود الفداء بل هو باق حتى يذبح الفداء فلو قصر في ذبحه لأثم إثم من كلف بذبح ولده ولم يذبحه ولو كان وجوب ذبح الولد مرتفعا بورود الفداء ما صح تسمية الفداء فداء كما لم يصح تسمية استقبال الكعبة بعد استقبال بيت المقدس فداء وذلك لأن حقيقة الفداء لا بد فيها من أمرين يقوم أحدهما مقام الآخر في تلقي المكروه وعلى هذا لا نسخ .
والجواب أن هذا كلام أشبه باللغو فإنهم لا يستطيعون أن ينكروا أن إبراهيم لو ذبح ولده بعد نزول الفداء كان آثما فيكون ذبحه إياه وقتئذ حراما وقد كان قبل نزول الفداء واجبا وينطبق عليه تمام الانطباق أنه رفع حكم شرعي بدليل شرعي ولا معنى للنسخ إلا ذلك .
الشبهة الخامسة ودفعها .
يقولون إن استدلالكم بنسخ فرضية الصلوات الخمسين في ليلة المعراج استدلال باطل لأنه خبر غير ثابت وجمهور المعتزلة ينكرون المعراج جملة ومن أثبته منهم نفى خبر فرضية الصلوات الخمسين وما ورد عليها من نسخ وقال إن ذلك من وضع القصاص واستدل على أنها زيادة موضوعة بأنها تقتضي نسخ الحكم قبل التمكن من العلم به وهو ممنوع بالإجماع ووجه هذا الاقتضاء أن فرض الخمسين صلاة لم يكن على النبي خاصة بل كان عليه وعلى أمته معه وقد نسخ قبل أن تعلم به الأمة وعلى تسليم صحة هذه الزيادة لا نسلم أن ذلك كان فرضا على العزم والتعيين بل فوض الله تعالى ذلك إلى اختيار الرسول ومشيئته فإن اختار الخمسين فرضها وإن اختار الخمس فرض الخمس .
وندفع هذه الشبهة أولا بأن خبر المعراج ثابت من طرق صحيحة متعددة لا من