وندفع الوجه الثالث بانا نقول بموجبه وهو أن الناسخ في الحقيقة هو الله وحده والسنة إذا نسخته فإنما تنسخه من حيث إنها وحي صادر منه سبحانه .
شبهتان ودفعهما .
لقائل أن يقول إن من السنة ما يكون ثمرة لاجتهاده وهذا ليس وحيا أوحي إليه به بدليل العتاب الذي وجهه القرآن إلى الرسول في لطف تارة وفي عنف أخرى فكيف يستقيم بعد هذا أن نقول إن السنة وحي من الله .
والجواب أن مرادنا هنا بالسنة ما كانت عن وحي جلي أو خفي أما السنة الاجتهادية فليست مرادة هنا ألبتة لأن الاجتهاد لا يكون إلا عند عدم النص فكيف يعارضه ويرفعه وقد شرحنا أنواع السنة في كتابنا المنهل الحديث في علوم الحديث فارجع إليه إن شئت .
ولقائل أن يقول إن من السنة ما كان آحاديا وخبر الواحد مهما صح فإنه لا يفيد القطع والقرآن قطعي المتن فكيف ينسخ بالسنة التي لا تفيد القطع ومتى استطاع الظن أن يرفع اليقين .
والجواب أن المراد بالسنة هنا السنة المتواترة دون الآحادية والسنة المتواترة قطيعة الثبوت أيضا كالقرآن فهما متكافئان من هذه الناحية فلا مانع أن ينسخ أحدهما الآخر أما خبر الواحد فالحق عدم جواز نسخ القرآن به للمعنى المذكور وهو أنه ظني والقرآن قطعي والظني أضعف من القطعي فلا يقوى على رفعه .
والقائلون بجواز نسخ القرآن بالسنة الأحادية اعتمادا على أن القرآن ظني للدلالة حجتهم داحضة لأن القرآن إن لم يكن قطعي الدلالة فهو قطعي الثبوت والسنة الآحادية ظنية الدلالة والثبوت معا فهي أضعف منه فكيف ترفعه ب .
مقام الوقوع .
ما أسلفناه بين يديك كان في الجواز أما الوقوع فقد اختلف المجوزون فيه منهم من أثبته ومنهم من نفاه ولكل وجهة هو موليها وهاك وجهة كل من الفريقين لتعرف أن الحق مع النافين .
استدل المثبتون على الوقوع بأدلة أربعة .
الدليل الأول أن آية الجلد وهي الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة تشمل المحصنين وغيرهم من الزناة ثم جاءت السنة فنسخت عمومها بالنسبة إلى المحصنين وحكمت بأن حزاءهم الرجم