القائلون بالإحكام فبعضهم يحملها على من حرم الإرث من الأقربين وبعضهم يحملها على من له ظروف تقضي بزيادة العطف عليه كالعجزة وكثيري العيال من الورثة .
ورأيي أن الحق مع الجمهور في أن الآية منسوخة وأن ناسخها آيات المواريث أما القول بإحكامها فتكلف ومشي في غير سبيل لأن الوالدين وقد جاء ذكرهما في الآية لا يحرمان من الميراث بحال ثم إن أدلة السنة متوافرة على عدم جواز الوصية لوارث محافظة على كتلة الوارثين أن تتفتت وحماية للرحم من القطعية التي نرى آثارها السيئة بين من زين الشيطان لمورثهم أن يزرع لهم شجرة الضغينة قبل موته بمفاضلته بينهم في الميراث عن طريق الوصية .
وأما القول بأن الناسخ السنة فيدفعه أن هذا الحديث آحادي والآحادي ظني والظني لا يقوى على نسخ القطعي وهو الآية وأما القول بأن الناسخ هو الإجماع فيدفعه ما بيناه من عدم جواز نسخ الإجماع والنسخ به نعم إن نسخ آية الوصية بآيات المواريث فيه شيء من الخفاء والاحتمال ولكن السنة النبوية أزالت الحفاء ورفعت الاحتمال حين أفادت أنها ناسخة إذ قال بعد نزول آية المواريث إن ا لله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث وفي هذا المعنى ينقل عن الشافعي ما خلاصته إن الله تعالى أنزل آية الوصية وأنزل آية المواريث فاحتمل أن تكون الوصية باقية مع المواريث واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصية وقد طلب العلماء ما يرجح أحد الاحتمالين فوجدوه في سنة رسول الله لا وصية لوارث وهذا الخبر وإن كان آحاديا لا يقوى على نسخ الآية فإنه لا يضعف عن بيانها وترجيح احتمال النسخ على احتمال عدمه فيها .
هذا ولا يفوتنا أن نشير إلى أن ا لشعبي والنخعي ذهبا إلى عدم نسخ آية الوصية مستندين إلى أن حكمها هو الندب لا الوجوب فلا تعارض بينها وبين آية المواريث كما لا تعارض بينها وبين حديث لا وصية لوارث لأن معناه لا وصية واجبة وهو لا ينافي ندب الوصية وحيث لا تعارض فلا نسخ ولكن هذا الرأي سقيم فيما نفهم لأنه خلاف الظاهر المتبادر من لفظ كتب المعروف في معنى الفرضية ومن لفظ حقا على المتقين المعروف في معنى الإلزام ومن شواهد السنة الناهية عن الوصية لوارث .
الآية الثالثة .
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون فإنها تفيد تخيير من يطيق الصوم بين الصوم والإفطار مع الفدية وقد نسخ ذلك بقوله سبحانه فمن شهد منكم الشهر فليصمه المفيد لوجوب الصوم دون تخيير على كل صحيح مقيم من المسلمين