وثانيهما يرجع إلى جملة الكلام المركب وذلك ثلاثة أضرب ضرب لاختصار الكلام نحو وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم وضرب لبسطه نحو ليس كمثله شيء لأنه لو قيل ليس مثله شيء كان أظهر للسامع وضرب لنظم الكلام نحو الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما تقديره أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا .
والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة فإن تلك الأوصاف لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه أو ليس من جنسه .
والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو اقتلوا المشركين والثاني من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو اتقوا الله حق تقاته والرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إنما النسيء زيادة في الكفر فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية الخامس من جهة الشروط التي يصح بها الفعل ويفسد كشروط الصلاة والنكاح وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم اه .
وهو كلام جيد غير أن في بعضه شيئا .
أنواع المتشابهات .
يمكننا أن ننوع المتشابهات على ضوء ما سبق ثلاثة أنواع .
النوع الأول ما لا يستطيع البشر جميعا أن يصلوا إليه كالعلم بذات الله وحقائق صفاته وكالعلم بوقت القيامة ونحوه من الغيوب التي استأثر الله تعالى بها وعنده مفاتح الغيب لا يعملها إلا هو إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .
النوع الثاني ما يستطيع كل إنسان أن يعرفه عن طريق البحث والدرس كالمتشابهات التي نشأ التشابه فيها من الإجمال والبسط والترتيب ونحوها مما سبق .
النوع الثالث ما يعلمه خواص العلماء دون عامتهم ولذلك أمثلة كثيرة من المعاني العالية التي تفيض على قلوب أهل الصفاء والاجتهاد عند تدبرهم لكتاب الله