إن حقيقة الإله ليس من تلك الحقائق التي تقبل التعدد والاشتراك والتماثل في مفهومها كلا فإن الذي يقبل ذلك إنما هو الكمال الإضافي الناقص أما الكمال التام المطلق الذي هو قوام معنى الإلهية فإن حقيقته تأبى على العقل أن يقبل فيها المشابهة والاثنينية لأنك مهما حققت معنى الإلهية حققت تقدما على كل شيء وإنشاء لكل شيء فاطر السموات والأرض وحققت سلطانا على كل شيء وعلوا فوق كل شيء له مقاليد السموات والأرض لو ذهبت تفترض اثنين يشتركان في هذه الصفات لتناقضت إذ تجعل كل واحد منهما سابقا مسبوقا ومنشئا ومنشأ ومستعليا مستعلى عليه أو لأحلت الكمال المطلق إلى كمال مقيد فيهما إذ تجعل كل واحد منهما بالإضافة إلى صاحبه ليس سابقا ولا مستعليا فأنى يكون كل منهما إلها وللإله المثل الأعلى .
أرأيت كم أفدنا من هذه الكاف وجوها من المعاني كلها شاف كاف فاحفظ هذا المثال وتعرف به دقة الميزان الذي وضع عليه النظام الحكيم حرفا حرفا اه وهو كلام جد نفيس فاحرص عليه .
الشبهات الواردة على أسلوب القرآن .
تنمر أعداء الله على القرآن وألقوا في طريق الإيمان به حبالا وعصيا من التخييلات والأوهام من ذلك شبهات لفقوها ووجهوها إلى أسلوبه وهي مع التوائها وخبثها تراها مفضوحة منقوضة في هذا الكتاب بالجزء الأول فارجع إلى ذلك هناك والله يتولى بتوفيقه هدانا وهداك وهو حسبنا ونعم الوكيل .
المبحث السابع عشر .
في إعجاز القرآن وما يتعلق به .
إعجاز القرآن مركب إضافي معناه بحسب أصل اللغة إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم به فهو من إضافة المصدر لفاعله والمفعول وما تعلق بالفعل محذوف للعلم به والتقدير إعجاز القرآن خلق الله عن الإتيان بما تحداهم به ولكن التعجيز المذكور ليس مقصودا لذاته بل المقصود لازمه وهو إظهار أن هذا الكتاب حق وأن الرسول الذي جاء به رسول صدق وكذلك الشأن في كل معجزات الأنبياء ليس المقصود بها تعجيز الخلق لذات التعجيز ولكن للأزمة وهو دلالتها على أنهم صادقون فيما يبلغون