تزل محرمة في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام فنزل تكذيبا لهم وتحديا بالتوراة التي عندهم كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .
يضاف إلى ما ذكرنا أن النبي كان يخفى عليه وجه الصواب في بعض ما يعنيه من الشؤون ويهمه من الأمور فكان يتوقف تارة كما توقف في حديث الإفك مدة حتى نزل الوحي ببراءة عائشة زوجه وبنت صديقه وكان يجتهد ويخطئ تارة أخرى كما حدث في أسرى بدر على ما سيأتي فلو كانت هذه الأنباء الغيبية نابعة من نفسه ولم تكن من ربه لكان الأحرى به أن يعرف وجه الصواب في أمثال تلك الشؤون والمهام مع أن أسباب العلم فيها أقرب إلى اليسر والسهولة من تلك الغيبيات التي تقطعت أسبابها العادية جملة ومع أن الرسول قد آلمه ما أصابه من جراء عدم علمه بأمثال تلك الشؤون والمهام وإلى ذلك يشير القرآن في قوله قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون .
معجزات يكشف عنها العلم الحديث .
ويتصل بما ذكرنا من أنباء الغيب نوع طريف لم يكشف عنه إلا العلم في العصر الحديث وكان قبل ذلك مخبوءا في ضمير الزمن خفيا على المعاصرين لنزول القرآن حتى صاغ أعداء الله من هذا الخفاء شبهة ولفقوا منه تهمة وما علموا أن جهلهم لا يصح أن يكون حجة بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله وإليك أمثلة ثلاثة من هذا النوع .
معجزة يكشف عنها التاريخ الحديث .
قال العلامة صاحب مجلة الفتح الغراء في سورة التوبة نقرأ هذه الآية الكريمة وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون فصدر هذه الآية وهو جملة وقالت اليهود عزير ابن الله يتضمن من وقائع التاريخ وحقائق العلم أمرا لم يكن أحدا يعرفه على وجه الأرض في عصر نزول القرآن .
ذلك أن اسم عزير لم يكن معروفا عند بني إسرائيل إلا بعد دخولهم مصر