أطفال المسلمين يعلم الله أنهم في الجنة لكن توقف الرسول وإباءه على عائشة أن تقول هذا كان قبل أن يعلمه الله ذلك فلم يسمح لها أن تسير مع الوهم أو الظن ما دام الأمر غيبا ولا يعلم الغيب إلا الله .
وتدبر ما رواه البخاري من أنه لما توفي عثمان بن مظعون Bه قالت أم العلاء امرأة من الأنصار C عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال وما يدريك أن الله أكرمه فقالت بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله قال أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي قالت فوالله لا أزكى أحدا بعده أبدا وكذلك يقول القرآن الكريم قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين .
فهل يعقل أن يقاس صاحب هذه الدقة البالغة والتثبت الدقيق بفتاة خفيفة سابحة في أوهامها غريقة في أحلامها .
رابعها أن تلك الفتاة جان دارك لم تأت ولا بدليل واحد معقول على صدق أوهامها وتخيلاتها التي تزعمها وحيا وحديثا من الله إليها لكن محمدا له على وحيه الذي يدعيه ألف دليل ودليل كما سبق بيانه فأين الثرى من الثريا وأين الظلام من النور .
خامسها أن هذه الفتاة الهائجة الثائرة لم تكن صاحبة دعوة إلى إصلاح ولا ذات أثر باق في التاريخ إنما كانت صاحبة سيف ومسعرة حرب في فترة من الزمن لغرض مشترك بين الإنسان والحيوان وهو الدفاع عن النفس والوطن بمقتضى غريزة حب البقاء ثم لم تلبث جذوتها أن بردت وحماستها أن خمدت .
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر .
فأين هذه الآنسة الثائرة من أفضل الخلق في دعوته الكبرى وأثره الخالد في إصلاح أديان البشر وشرائعهم وأعمالهم وأخلاقهم وفي إنقاذ الإنسانية العانية وتجديد دمها بدينه الجديد الذي قلب به أوضاع الدنيا ونقل بسببه العالم إلى طور سعيد بل إلى الطور السعيد الذي لولاه لدام يتخبط في الظلمات ولبات في عداد الأموات أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها .
الشبهة الثالثة ودفعها .
يقولون إنه كان يلقى ورقة بن نوفل فيأخذ عنه ويسمع منه وورقة لا يبخل