هنا لا يحل القول في أسباب النزول إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها ا ه .
وعلى هذا فإن روي سبب النزول عن صحابي فهو مقبول وإن لم يعتضد أي لم يعزز برواية أخرى تقويه .
وذلك لأن قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه حكمه حكم المرفوع إلى النبي لأنه يبعد كل البعد أن يكون الصحابي قد قال ذلك من تلقاء نفسه على حين أنه خبر لا مرد له إلا السماع والنقل أو المشاهدة والرؤية .
أما إذا روي سبب النزول بحديث مرسل أي سقط من سنده الصحابي وانتهى إلى التابعي فحكمه أنه لا يقبل إلا إذا صح واعتضد بمرسل آخر وكان الراوي له من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير .
4 - التعبير عن سبب النزول .
تختلف عبارات القوم في التعبير عن سبب النزول .
فتارة يصرح فيها بلفظ السبب فيقال سبب نزول الآية كذا وهذه العبارة نص في السببية لا تحتمل غيرها .
وتارة لا يصرح بلفظ السبب ولكن يؤتى بفاء داخلة على مادة نزول الآية عقب سرد حادثة وهذه العبارة مثل تلك في الدلالة على السببية أيضا .
ومثاله رواية جابر الآتية قريبا .
ومرة يسأل الرسول فيوحى إليه ويجيب بما نزل عليه ولا يكون تعبير بلفظ سبب النزول ولا تعبير بتلك الفاء ولكن السببية تفهم قطعا من المقام كرواية ابن مسعود الآتية عندما سئل النبي عن الروح .
وحكم هذه أيضا حكم ما هو نص في السببية .
ومرة أخرى لا يصرح بلفظ السبب ولا يؤتى بتلك الفاء ولا بذلك الجواب المبني على السؤال بل يقال نزلت هذه الآية في كذا مثلا .
وهذه العبارة ليست نصا في السببية بل تحتملها وتحتمل أمرا آخر هو بيان ما تضمنته الآية من الأحكام .
والقرائن وحدها هي التي تعين أحدها هذين الاحتمالين أو ترجحه .
ومن هنا نعلم أنه إذا وردت عبارتان في موضوع واحد إحداهما نص في السببية لنزول آية أو آيات والثانية ليست نصا في السببية لنزول تلك الآية أو الآيات هنالك نأخذ في السببية بما هو نص ونحمل الأخرى على أنها بيان لمدلول الآية لأن النص أقوى في الدلالة من المحتمل .
مثال ذلك ما أخرجه مسلم عن جابر قال كانت اليهود تقول من أتى امرأة من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم وأتقوا الله وأعلموا أنكم ملقوه وبشر المؤمنين 2 البقرة 223 من سورة