القراءات وعلم التجويد وعلم النسخ العثماني وعلم التفسير وعلم الناسخ والمنسوخ وعلم غريب القرآن وعلم إعجاز القرآن وعلم إعراب القرآن وما شاكل ذلك من العلوم الدينية والعربية مما يعتبر بحق أروع مظهر عرفه التاريخ لحراسة كتاب هو سيد الكتب وبات هذا المظهر معجزة جديدة مصدقة لقوله سبحانه إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون 15 الحجر 9 .
ولقد أنجبت تلك العلوم الآنفة وليدا جديدا هو مزيج منها جميعا وسليل لها جميعا فيه مقاصدها وأغراضها وخصائصها وأسرارها والولد سر أبيه .
وقد أسموه علوم القرآن وهو موضوع دراستنا في هذا الكتاب إن شاء الله .
وسأحاول فيما أكتبه أن أمزج بين حاجة الأزهريين إلى البحث والتحليل وبين رغبات جماهير القراء المعاصرين في تقريب الأسلوب وتعبيد السبيل ما وسعني الإمكان .
وسأضطر بسبب ذلك إلى شيء من الإسهاب والتطويل ولكنها تضحية ضئيلة بجانب تأدية رسالتنا في وجوب الاتصال الديني بالجماهير .
وسأعرض بعون الله وتأييده لعلاج الشبهات التي أطلق بخورها أعداء الإسلام وسددوا سهامها الطائشة إلى القرآن ولكن عند المناسبة وسنوح الفرصة .
وسأجتزىء في كل مبحث ببعض أمثلة من القرآن الكريم دون أن أحاول ما حاوله سلف الكاتبين من استيعاب كل فرد لكل نوع فإن حبل ذلك طويل وثقيل على حين أن الناظر يكفيه الإيضاح بقليل من التمثيل .
وسأجعل نقاط المنهج المقرر عناوين بارزة بين المباحث التي يقوم عليها هذا الكتاب مقتفيا في الغالب أثر تلك النقط في التسمية وفي الترتيب وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب 11 هود 88 .
المبحث الأول .
في معنى علوم القرآن .
يقتضينا منهج البحث التحليلي لهذا المركب الإضافي أن نتحدث عن طرفيه وعن الإضافة بينهما ثم عن المراد بهذا المركب بعد نقله وتسمية هذا الفن المدون به .
1 - أما العلوم فجمع علم والعلم في اللغة مصدر يرادف الفهم والمعرفة ويرادف الجزم أيضا في رأي .
ثم تداولت هذا اللفظ اصطلاحات مختلفة