ويمكن أن تسبك من هذا قياسا استثنائيا صيغته هكذا لو لم تكن العبرة بخصوص السبب لكان اللفظ غير مطابق للسبب .
لكن التالي باطل فثبت نقيض المقدم .
دليل الملازمة أن الكلام هنا مفروض في سبب خاص ولفظ عام ولا شك أن العام لا يطابق الخاص .
ودليل بطلان التالي أن عدم المطابقة مناف للحكمة ومخل بالبلاغة .
والجواب أننا نبطل تلك الملازمة ونمنع دليلها وهو أن العام لا يطابق الخاص .
كيف والمطابقة كما تحصل بمساواة اللفظ للسبب عموما وخصوصا تحصل بكون اللفظ أعم من السبب لأن المراد من الجواب أن يتحدث عن السبب ويبين حكمه وذلك حاصل مع كونه أعم منه ولا يتوقف على مساواته إياه .
ملاحظة يمكنك بعد هذا البيان أن تحول تلك الأقيسة الاستثنائية إلى أقيسة اقترانية ثم تستدل على مقدماتها بسهولة ويسر على نمط ما فعلناه بأدلة الجمهور .
فأمامك المجال ولا داعي لإطالة المقال .
كما أرجو أن يعذرني القارئ الكريم إذا شق عليه بعض الشيء أن يهضم تلك الصناعة الفنية في صياغة الأدلة بعض الأحيان فإن للوسط قضاء لا يرد وللصناعة حكما لا ينقض .
ومن واجبي أن أشبع حاجة هؤلاء وهؤلاء لذلك تراني طورا هنا وطورا هناك .
والله هو الفتاح العليم وهو الموفق والمعين .
11 - شبيه بالسبب الخاص مع اللفظ العام .
نوه السيوطي في الإتقان وابن السبكي والمحلي في جمع الجوامع وشرحه بأن القرآن الكريم قد يرد فيه ما يشبه السبب الخاص مع اللفظ العام النازل فيه فيكون لهذا الشبه أثر صالح في تناول الآية العامة للمضمون الخاص في الآية التي معها تناولا ممتازا يجعله أسبق إلى الذهن من غيره وأبعد عن خروجه بالتخصيص إذا ورد مخصص لتلك الآية العامة .
فكأنه قطعي الدخول .
وكأنه مجمع على عدم خروجه بالمخصص كما أجمعوا على عدم خروج السبب الخاص من لفظ العام النازل فيه .
وهاك مثلا يوضح لك المقام قال الله تعالى في سورة النساء ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب يؤمنون بالجبت والطغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين ءامنوا سبيلا 4 النساء 51 إلى آخر الآيات الواردة في هذا الموضوع .
فأنت ترى أن هذه الآيات شنعت على الخيانة والخائنين من اليهود وتوعدتهم أفظع الوعيد ووبختهم أشد التوبيخ .
وذلك في معنى النهي البالغ عن تلك الخيانة أي خيانتهم للنبي والمؤمنين حيث جعلوا المشركين أهدى سبيلا منهم .
ومن المقرر أن النهي عن