لكن المعنى يقتضي دخول الآمر بذلك أيضا وهو المنطبق على استدلال عثمان Bه لأنه استدل بهذا الحديث على ما وقع منه ومن المعلوم أنه لم يباشر ذلك بنفسه قوله بنى الله إسناد البناء إلى الله مجاز وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده على باني المسجد قوله مثله صفة لمصدر محذوف أي بني بناء مثله ولفظ المثل له استعمالان أحدهما الإفراد مطلقا كقوله تعالى فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا والآخر المطابقة كقوله تعالى أمم أمثالكم فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة فيحصل جواب من استشكل التقييد بقوله مثله مع أن الحسنة بعشرة أمثالها لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله والأصل أن ثواب الحسنة الواحدة واحد بحكم العدل والزيادة عليه بحكم الفضل وأما من أجاب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلّم قال ذلك قبل نزول قوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ففيه بعد وكذا من أجاب بأن التقييد بالواحد لا ينفي الزيادة عليه ومن الأجوبة المرضية أيضا أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة حاصلة بحسب الكيفية فكم من بيت خير من عشرة بل من مائة أو أن المقصود من المثلية أن جزاء هذه الحسنة من جنس البناء لا من غيره مع قطع النظر عن غير ذلك مع أن التفاوت حاصل قطعا بالنسبة إلى ضيق الدنيا وسعة الجنة إذ موضع شبر فيها خير من الدنيا وما فيها كما ثبت في الصحيح وقد روى أحمد من حديث واثلة بلفظ بنى الله له في الجنة أفضل منه وللطبراني من حديث أبي أمامة بلفظ أوسع منه وهذا يشعر بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه وقال النووي يحتمل أن يكون المراد أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا قوله في الجنة يتعلق ببني أو هو حال من قوله مثله وفيه إشارة إلى دخول فاعل ذلك الجنة إذ المقصود بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول والله أعلم .
( قوله باب يأخذ أي الشخص بنصول ) .
جمع نصل ويجمع أيضا على نصال كما سيأتي في حديث الباب الذي بعده والنبل بفتح النون وسكون الموحدة وبعدها لام السهام العربية وهي مؤنثة ولا واحد لها من لفظها وجواب الشرط في قوله إذا مر محذوف ويفسره قوله يأخذ أو التقدير يستحب لمن معه نبل أنه يأخذ الخ وسفيان المذكور في الإسناد هو بن عيينة وعمرو هو بن دينار ولم يذكر قتيبة في هذا السياق جواب عمرو عن استفهام سفيان كذا في أكثر الروايات وحكى عن رواية الأصيلي أنه ذكره في آخره فقال نعم ولم أره فيها وقد ذكره غير قتيبة أخرجه المصنف في الفتن عن على بن عبد الله عن سفيان مثله وقال في آخره فقال نعم ورواه مسلم من وجه آخر عن سفيان عن عمرو بغير سؤال ولا جواب لكن سياق المصنف يفيد تحقق الاتصال فيه وقد أخرجه الشيخان من غير طريق سفيان أيضا أخرجاه من طريق حماد بن زيد عن عمرو ولفظه أن رجلا مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصولها فأمر أن يأخذ بنصولها كي لا تخدش مسلما وليس في سياق المصنف