حضر عشاؤه وسمع الإقامة وقراءة الإمام لم يقم حتى يفرغ ورواه بن حبان من طريق بن جريج عن نافع أن بن عمر كان يصلي المغرب إذا غابت الشمس وكان أحيانا يلقاه وهو صائم فيقدم له عشاؤه وقد نودي للصلاة ثم تقام وهو يسمع فلا يترك عشاءه ولا يعجل حتى يقضي عشاءه ثم يخرج فيصلى انتهى وهذا أصرح ما ورد عنه في ذلك قوله وأنه يسمع في رواية الكشميهني وأنه ليسمع بزيادة لام التأكيد في أوله قوله وقال زهير هو بن معاوية الجعفي وطريقه هذه موصولة عند أبي عوانة في مستخرجه وأما رواية وهب بن عثمان فقد ذكر المصنف أن إبراهيم بن المنذر رواها عنه وإبراهيم من شيوخ البخاري وقد وافق زهيرا ووهبا أبو ضمرة عند مسلم وأبو بدر عند أبي عوانة والدراوردي عند السراج كلهم عن موسى بن عقبة قال النووي في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من ذهاب كمال الخشوع ويلتحق به ما في معناه مما يشغل القلب وهذا إذا كان في الوقت سعة فإن ضاق صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز التأخير وحكى المتولى وجها أنه يبدأ بالأكل وإن خرج الوقت لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته انتهى وهذا إنما يجيء على قول من يوجب الخشوع ثم فيه نظر لأن المفسدتين إذا تعارضتا اقتصر على أخفهما وخروج الوقت أشد من ترك الخشوع بدليل صلاة الخوف والغريق وغير ذلك وإذا صلى لمحافظة الوقت صحت مع الكراهة وتستحب الإعادة عند الجمهور وادعى بن حزم أن في الحديث دلالة على امتداد الوقت في حق من وضع له الطعام ولو خرج الوقت المحدود وقال مثل ذلك في حق النائم والناسى واستدل النووي وغيره بحديث أنس على امتداد وقت المغرب واعترضه بن دقيق العيد بأنه إن أريد بذلك التوسعة إلى غروب الشفق ففيه نظر وإن أريد به مطلق التوسعة فمسلم ولكن ليس محل الخلاف المشهور فإن بعض من ذهب إلى ضيق وقتها جعله مقدرا بزمن يدخل فيه مقدار ما يتناول لقيمات يكسر بها سورة الجوع واستدل به القرطبي على أن شهود صلاة الجماعة ليس بواجب لأن ظاهره أنه يشتغل بالأكل وإن فاتته الصلاة في الجماعة وفيه نظر لأن بعض من ذهب إلى الوجوب كابن حبان جعل حضور الطعام عذرا في ترك الجماعة فلا دليل فيه حينئذ على إسقاط الوجوب مطلقا وفيه دليل على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة أول الوقت واستدل بعض الشافعية والحنابلة بقوله فابدؤوا على تخصيص ذلك بمن لم يشرع في الأكل وأما من شرع ثم أقيمت الصلاة فلا يتمادى بل يقوم إلى الصلاة قال النووي وصنيع بن عمر يبطل ذلك وهو الصواب وتعقب بأن صنيع أبن عمر اختيار له وإلا فالنظر إلى المعنى يقتضى ما ذكروه لأنه يكون قد أخذ من الطعام ما دفع شغل البال به ويؤيد ذلك حديث عمرو بن أمية المذكور في الباب بعده ولعل ذلك هو السر في إيراد المصنف له عقبه وروى سعيد بن منصور وبن أبي شيبة بإسناد حسن عن أبي هريرة وبن عباس انهما كانا يأكلان طعاما وفي التنور شواء فأراد المؤذن أن يقيم فقال له بن عباس لا تعجل لئلا نقوم وفي أنفسنا منه شيء وفي رواية بن أبي شيبة لئلا يعرض لنا في صلاتنا وله عن الحسن بن على قال العشاء قبل الصلاة يذهب النفس اللوامة وفي هذا كله إشارة إلى أن العلة في ذلك تشوف النفس إلى الطعام فينبغي أن يدار الحكم مع علته وجودا وعدما ولا يتقيد بكل ولا بعض ويستثنى من ذلك الصائم فلا تكره صلاته