بحضرة الطعام إذ الممتنع بالشرع لا يشغل العاقل نفسه به لكن إذا غلب استحب له التحول من ذلك المكان فائدتان الأولى قال بن الجوزي ظن قوم أن هذا من باب تقديم حق العبد على حق الله وليس كذلك وإنما هو صيانة لحق الحق ليدخل الخلق في عبادته بقلوب مقبلة ثم إن طعام القوم كان شيئا يسيرا لا يقطع عن لحاق الجماعة غالبا الثانية ما يقع في بعض كتب الفقه إذا حضر العشاء والعشاء فابدؤوا بالعشاء لا أصل له في كتب الحديث بهذا اللفظ كذا في شرح الترمذي لشيخنا أبي الفضل لكن رأيت بخط الحافظ قطب الدين أن بن أبي شيبة أخرج عن إسماعيل وهو بن علية عن بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن رافع عن أم سلمة مرفوعا إذا حضر العشاء وحضرت العشاء فابدؤوا بالعشاء فإن كان ضبطه فذاك وإلا فقد رواه أحمد في مسنده عن إسماعيل بلفظ وحضرت الصلاة ثم راجعت مصنف بن أبي شيبة فرأيت الحديث فيه كما أخرجه أحمد والله أعلم .
( قوله باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل ) .
قيل أشار بهذا إلى أن الأمر الذي في الباب قبله للندب لا للوجوب وقد قدمنا قول من فصل بين ما إذا أقيمت الصلاة قبل الشروع في الأكل أو بعده فيحتمل أن المصنف كان يرى التفصيل ويحتمل تقييده في الترجمة بالإمام أنه كان يرى تخصيصه به وأما غيره من المأمومين فالأمر متوجه إليهم مطلقا ويؤيده قوله فيما سبق إذا وضع عشاء أحدكم وقد قدمنا تقرير ذلك مع بقية فوائد الحديث في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة من كتاب الطهارة وقال الزين بن المنير لعله صلى الله عليه وسلّم أخذ في خاصة نفسه بالعزيمة فقدم الصلاة على الطعام وأمر غيره بالرخصة لأنه لا يقوى على مدافعة الشهوة قوته وأيكم يملك أربه انتهى ويعكر على من استدل به على أن الأمر للندب احتمال أن يكون اتفق في تلك الحالة أنه قضى حاجته من الأكل فلا تتم الدلالة به وإبراهيم المذكور في الإسناد هو بن سعد وصالح هو بن كيسان والإسناد كله مدنيون قوله باب من كان في حاجة أهله كأنه أشار بهذه الترجمة إلى أنه لا يلحق بحكم الطعام كل أمر يكون للنفس تشوف إليه إذ لو كان كذلك لم يبق للصلاة وقت في الغالب وأيضا فوضع الطعام بين يدي الآكل فيه زيادة