لمن أجاز الخطبة قاعدا لأنه تبين أن ذلك للضرورة .
( قوله باب استقبال الناس الإمام إذا خطب ) .
زاد في رواية كريمة في أول الترجمة يستقبل الإمام القوم ولم يبت الحكم وهو مستحب عند الجمهور وفي وجه يجب جزم به أبو الطيب الطبري من الشافعية فإن فعل أجزأ وقيل لا ذكره الشاشي ونقل في شرح المهذب أن الالتفات يمينا وشمالا مكروه اتفاقا إلا ما حكى عن بعض الحنفية فقال أكثرهم لا يصح ومن لازم الاستقبال استدبار الإمام القبلة واغتفر لئلا يصير مستدبر القوم الذين يعظهم ومن حكمة استقبالهم للأمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك الأدب معه في استماع كلامه فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته وموافقته فيما شرع له القيام لأجله قوله واستقبل بن عمر وأنس الإمام أما بن عمر فرواه البيهقي من طريق الوليد بن مسلم قال ذكرت لليث بن سعد فأخبرني عن بن عجلان أنه أخبره عن نافع أن بن عمر كان يفرغ من سبحته يوم الجمعة قبل خروج الإمام فإذا خرج لم يقعد الإمام حتى يستقبله وأما أنس فرويناه في نسخة نعيم بن حماد بإسناد صحيح عنه أنه كان إذا أخذ الإمام في الخطبة يوم الجمعة يستقبله بوجهه حتى يفرغ من الخطبة ورواه بن المنذر من وجه آخر عن أنس أنه جاء يوم الجمعة فاستند إلى الحائط واستقبل الإمام قال بن المنذر لا أعلم في ذلك خلافا بين العلماء وحكى غيره عن سعيد بن المسيب والحسن شيئا محتملا وقال الترمذي لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلّم فيه شيء يعني صريحا وقد استنبط المصنف من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلّم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله مقصود الترجمة وهو طرف من حديث طويل سيأتي بهذا الإسناد في كتاب الزكاة في باب الصدقة على اليتامى ويأتي الكلام عليه في الرقاق إن شاء الله تعالى ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضى نظرهم إليه غالبا ولا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه وإذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال الخطبة أولى لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها والله أعلم