( قوله باب الساعة التي في يوم الجمعة ) .
أي التي يجاب فيها الدعاء قوله عن أبي الزناد كذا رواه أصحاب مالك في الموطأ ولهم فيه إسناد آخر إلى أبي هريرة وفيه قصة له مع عبد الله بن سلام .
893 - قوله فيه ساعة كذا فيه مبهمة وعينت في أحاديث أخر كما سيأتي قوله لا يوافقها أي يصادفها وهو أعم من أن يقصد لها أو يتفق له وقوع الدعاء فيها قوله وهو قائم يصلي يسأل الله هي صفات لمسلم أعربت حالا ويحتمل أن يكون يصلي حالا منه لاتصافه بقائم ويسأل حال مترادفة أو متداخلة وأفاد بن عبد البر أن قوله وهو قائم سقط من رواية أبي مصعب وبن أبي أويس ومطرف والتنيسى وقتيبة وأثبتها الباقون قال وهي زيادة محفوظة عن أبي الزناد من رواية مالك وورقاء وغيرهما عنه وحكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث وكان السبب في ذلك أنه يشكل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة وهما حديثان أحدهما أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة والثاني أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس وقد احتج أبو هريرة على عبد الله بن سلام لما ذكر له القول الثاني بأنها ليست ساعة صلاة وقد ورد النص بالصلاة فأجابه بالنص الآخر أن منتظر الصلاة في حكم المصلي فلو كان قوله وهو قائم عند أبي هريرة ثابتا لاحتج عليه بها لكنه سلم له الجواب وارتضاه وأفتى به بعده وأما اشكاله على الحديث الأول فمن جهة أنه يتناول حال الخطبة كله وليست صلاة على الحقيقة وقد أجيب عن هذا الاشكال بحمل الصلاة على الدعاء أو الانتظار ويحمل القيام على الملازمة والمواظبة ويؤيد ذلك أن حال القيام في الصلاة غير حال السجود والركوع والتشهد مع أن السجود مظنة أجابة الدعاء فلو كان المراد بالقيام حقيقته لاخرجه فدل على أن المراد مجاز القيام وهو المواظبة ونحوها ومنه قوله تعالى إلا ما دمت عليه قائما فعلى هذا يكون التعبير عن المصلي بالقائم من باب التعبير عن الكل بالجزء والنكتة فيه أنه أشهر أحوال الصلاة قوله شيئا أي مما يليق أن يدعو به المسلم ويسأل ربه تعالى وفي رواية سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عند المصنف في الطلاق يسأل الله خيرا ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة مثله وفي حديث أبي لبابة عند بن ماجة ما لم يسأل حراما وفي حديث سعد بن عبادة عند أحمد ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم وهو نحو الأول وقطيعة الرحم من جملة الإثم فهو من عطف الخاص على العام للاهتمام به قوله وأشار بيده كذا هنا بإبهام الفاعل وفي رواية أبي مصعب عن مالك وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وفي رواية سلمة بن علقمة التي أشرت إليها ووضع أنملته على بطن الوسطى أو الخنصر قلنا يزهدها وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو بشر بن المفضل راويه عن سلمة بن علقمة وكأنه فسر الإشارة بذلك وأنها ساعة لطيفة تتنقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره وبهذا يحصل الجمع بينه وبين قوله يزهدها أي يقللها ولمسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة وهي ساعة خفيفة وللطبرانى في الأوسط في حديث أنس وهي قدر هذا يعني قبضة قال الزين بن المنير الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها وقد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة هل هي باقية أو رفعت وعلى البقاء هل هي في كل جمعة أو في جمعة واحدة من كل سنة وعلى الأول هل هي وقت من اليوم معين أو مبهم وعلى التعيين هل تستوعب الوقت أو تبهم فيه وعلى الإبهام ما ابتداؤه وما انتهاؤه وعلى كل ذلك هل تستمر أو تنتقل وعلى الانتقال هل تستغرق اليوم أو بعضه وها أنا أذكر تلخيص ما اتصل إلى من الأقوال مع أدلتها ثم أعود إلى الجمع بينها والترجيح فالأول أنها رفعت حكاه بن عبد البر عن قوم وزيفه وقال عياض رده السلف