( قوله باب في كم يقصر الصلاة ) .
يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر ولا يسوغ له في أقل منها وهي من المواضع التي انتشر فيها الخلاف جدا فحكى بن المنذر وغيره فيها نحوا من عشرين قولا فأقل ما قيل في ذلك يوم وليلة وأكثره ما دام غائبا عن بلده وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام وأورد ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة قوله وسمى النبي صلى الله عليه وسلّم يوما وليلة سفرا في رواية أبي ذر السفر يوما وليلة وفي كل منهما تجوز والمعنى سمى مدة اليوم والليلة سفرا وكأنه يشير إلى حديث أبي هريرة المذكور عنده في الباب وقد تعقب بأن في بعض طرقه ثلاثة أيام كما أورده هو من حديث بن عمر وفي بعضها يوم وليلة وفي بعضها يوم وفي بعضها ليلة وفي بعضها بريد فإن حمل اليوم المطلق أو الليلة المطلقة على الكامل أي يوم بليلته أو ليلة بيومها قل الاختلاف واندرج في الثلاث فيكون أقل المسافة يوما وليلة لكن يعكر عليه رواية بريد ويجاب عنه بما سيأتي قريبا قوله وكان بن عمر وبن عباس الخ وصله بن المنذر من رواية يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أن بن عمر وبن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك وروى السراج من طريق عمرو بن دينار عن بن عمر نحوه وروى الشافعي عن مالك عن بن شهاب عن سالم أن بن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة قال مالك وبينها وبين المدينة أربعة برد ورواه عبد الرزاق عن مالك هذا فقال بين المدينة وذات النصب ثمانية عشر ميلا وفي الموطأ عن بن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقصر في مسيرة اليوم التام ومن طريق عطاء أن بن عباس سئل أنقصر الصلاة إلى عرفة قال لا ولكن إلى عسفان أو إلى جدة أو الطائف وقد روى عن بن عباس مرفوعا أخرجه الدارقطني وبن أبي شيبة من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الوهاب وروى عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال لا تقصروا الصلاة إلا في اليوم ولا تقصر فيما دون اليوم ولابن أبي شيبة من وجه آخر صحيح عنه قال تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن مسافة أربعة برد يمكن سيرها في يوم وليلة وأما حديث بن عمر الدال على اعتبار