كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والإستغفار وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام وأما نعي الجاهلية فقال سعيد بن منصور أخبرنا بن علية عن بن عون قال قلت لإبراهيم أكانوا يكرهون النعي قال نعم قال بن عون كانوا إذا توفي الرجل ركب رجل دابة ثم صاح في الناس أنعى فلانا وبه إلى بن عون قال قال بن سيرين لا أعلم بأسا أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره فإن زاد على ذلك فلا وقد كان بعض السلف يشدد في ذلك حتى كان حذيفة إذا مات له الميت يقول لا تؤذنوا به أحدا إني أخاف أن يكون نعيا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأذني هاتين ينهى عن النعي أخرجه الترمذي وبن ماجة بإسناد حسن قال بن العربي يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات الأولى أعلام الأهل والاصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة الثانية دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره الثالثة الاعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم ثم ذكر المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث أبي هريرة في الصلاة على النجاشي وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الجنائز ثانيهما حديث أنس في قصة قتل الأمراء بمؤته وسيأتي الكلام عليه في المغازي وورد في علامات النبوة بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلّم نعى زيدا وجعفرا الحديث قال الزين بن المنير وجه دخول قصة الأمراء في الترجمة أن نعيهم كان لاقاربهم وللمسلمين الذين هم أهلهم من جهة الدين ووجه دخول قصة النجاشي كونه كان غريبا في ديار قومه فكان للمسلمين من حيث الإسلام أخا فكانوا أخص به من قرابته قلت ويحتمل أن يكون بعض اقرباء النجاشي كان بالمدينة حينئذ ممن قدم مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة كذي مخمر بن أخي النجاشي فيستوي الحديثان في أعلام أهل كل منهما حقيقة ومجازا .
( قوله باب الإذن بالجنازة ) .
قال بن رشيد ضبطناه بكسر الهمزه وسكون المعجمه وضبطه بن المرابط بمد الهمزه وكسر الذال على وزن الفاعل قلت والأول أوجه والمعنى الاعلام بالجنازة إذا انتهى أمرها ليصلي عليها قيل هذه الترجمة تغاير التي قبلها من جهة أن المراد بها الاعلام بالنفس وبالغير قال الزين بن المنير هي مرتبة على التي قبلها لأن النعي أعلام من لم يتقدم له علم بالميت والأذن أعلام من علم بتهيئة أمره وهو حسن قوله قال أبو رافع عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلّم الا كنتم اذنتموني هذا طرف من حديث تقدم الكلام عليه مستوفى في باب كنس المسجد ومناسبته للترجمة واضحه .
1190 - قوله حدثني محمد هو بن سلام كما جزم به أبو علي بن السكن في روايته عن الفربري وأبو معاوية هو الضرير قوله مات إنسان كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعوده وقع في شرح الشيخ سراج الدين عمر بن الملقن أنه الميت المذكور في حديث أبي هريرة الذي كان يقم المسجد