( قوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلّم يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته ) .
هذا تقييد من المصنف لمطلق الحديث وحمل منه لرواية بن عباس المقيدة بالبعضية على رواية بن عمر المطلقة كما ساقه في الباب عنهما وتفسير منه للبعض المبهم في رواية بن عباس بأنه النوح ويؤيده أن المحذور بعض البكاء لا جميعه كما سيأتي بيانه وقوله إذا كان النوح من سنته يوهم أنه بقية الحديث المرفوع وليس كذلك بل هو كلام المصنف قاله تفقها وبقية السياق يرشد إلى ذلك وهذا الذي جزم به هو أحد الأقوال في تأويل الحديث المذكور كما سيأتي بيانه واختلف في ضبط قوله من سنته فللاكثر في الموضعين بضم المهملة وتشديد النون أي طريقته وعادته وضبطه بعضهم بفتح المهملة بعدها موحدتان الأولى مفتوحة أي من أجلة قال صاحب المطالع حكى عن أبي الفضل بن ناصر أنه رجح هذا وأنكر الأول فقال وأي سنة للميت انتهى وقال الزين بن المنير بل الأول أولى لاشعاره بالعناية بذلك إذ لا يقال من سنته الا عند غلبة ذلك عليه واشتهاره به قلت وكأن البخاري الهم هذا الخلاف فأشار إلى ترجيح الأول حيث استشهد بالحديث الذي فيه لأنه أول من سن القتل فإنه يثبت ما استبعده بن ناصر بقوله وأي سنة للميت وأما تعبير المصنف بالنوح فمراده ما كان من البكاء بصياح وعويل وما يلتحق بذلك من لطم خد وشق جيب وغير ذلك من المنهيات قوله لقول الله تعالى قوا أنفسكم واهليكم نارا وجه الاستدلال لما ذهب إليه من هذه الآية أن هذا الأمر عام في جهات الوقاية ومن جملتها أن لا يكون الأصل مولعا بأمر منكر لئلا يجري أهله عليه بعده أو يكون قد عرف أن لأهله عادة بفعل أمر منكر واهمل نهيهم عنه فيكون لم يق نفسه ولا أهله قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلّم كلكم راع الحديث هو طرف من حديث لابن عمر تقدم موصولا في الجمعة ووجه الاستدلال منه ما تقدم لأن من جملة رعايته لهم أن يكون الشر من طريقته فيجري أهله عليه أو يراهم يفعلون الشر فلا ينهاهم