( قوله باب ما يكره من النياحة على الميت ) .
قال الزين بن المنير ما موصولة ومن لبيان الجنس فالتقدير الذي يكره من جنس البكاء هو النياحة والمراد بالكراهة كراهة التحريم لما تقدم من الوعيد عليه انتهى ويحتمل أن تكون ما مصدرية ومن تبعيضية والتقدير كراهية بعض النياحة أشار إلى ذلك بن المرابط وغيره ونقل بن قدامة عن أحمد رواية أن بعض النياحة لا تحرم وفيه نظر وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلّم لم ينه عمة جابر لما ناحت عليه فدل على أن النياحة إنما تحرم إذا انضاف إليها فعل من ضرب خد أو شق جيب وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلّم إنما نهى عن النياحة بعد هذه القصة لأنها كانت بأحد وقد قال في أحد لكن حمزة لا بواكي له ثم نهى عن ذلك وتوعد عليه وذلك بين فيما أخرجه أحمد وبن ماجة وصححه الحاكم من طريق أسامة بن زيد عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم مر بنساء بني عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال لكن حمزة لا بواكي له فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال ويحهن ما انقلبن بعد مروهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم وله شاهد أخرجه عبد الرزاق من طريق عكرمة مرسلا ورجاله ثقات قوله وقال عمر دعهن يبكين على أبي سليمان الخ هذا الأثر وصله المصنف في التاريخ الأوسط من طريق الأعمش عن شقيق قال لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة بني المغيرة أي بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وهن بنات عم خالد بن الوليد بن المغيرة يبكين عليه فقيل لعمر أرسل إليهن فانههن فذكره وأخرجه بن سعد عن وكيع وغير واحد عن الأعمش قوله ما لم يكن نقع أو لقلقة بقافين الأولى ساكنه وقد فسره المصنف بأن النقع التراب أي وضعه على الرأس واللقلقة الصوت أي المرتفع وهذا قول الفراء فأما تفسير اللقلقة فمتفق عليه كما قال أبو عبيد في غريب الحديث وأما النقع فروى سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال النقع الشق أي شق الجيوب وكذا قال وكيع فيما رواه بن سعد عنه وقال الكسائي هو صنعة الطعام للمأتم كأنه ظنه من النقيعة وهي طعام المأتم والمشهور أن النقعية طعام القادم من السفر كما سيأتي في آخر الجهاد وقد أنكره أبو عبيد عليه وقال الذي رأيت عليه أكثر أهل العلم أنه رفع الصوت يعني بالبكاء وقال بعضهم هو وضع التراب على الرأس لأن النقع هو الغبار وقيل هو شق الجيوب وهو قول شمر وقيل هو صوت لطم الخدود حكاه الأزهري وقال الإسماعيلي معترضا على البخاري النقع لعمري هو الغبار ولكن ليس هذا موضعه وإنما هو هنا الصوت العالي واللقلقة ترديد صوت النواحة انتهى ولا مانع من حمله على المعنيين بعد أن فسر المراد بكونه وضع التراب على الرأس لأن ذلك من صنيع أهل المصائب بل قال بن الأثير المرجح أنه وضع التراب على الرأس وأما من فسره بالصوت فيلزم موافقته للقلقة فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد وأجيب بأن بينهما مغايرة من وجه كما تقدم فلا مانع من إرادة ذلك تنبيه كانت وفاة خالد بن الوليد بالشام سنة إحدى