وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة فإذا صلوا وبعد ذكر الزكاة فإذا أقروا بذلك فخذ منهم قوله صدقة زاد في رواية أبي عاصم عن زكريا في أموالهم كما تقدم في أول الزكاة وفي رواية الفضل بن العلاء افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم قوله تؤخذ من أغنيائهم استدل به على أن الإمام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها إما بنفسه وإما بنائبه فمن أمتنع منها أخذت منه قهرا قوله على فقرائهم استدل به لقول مالك وغيره إنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد وفيه بحث كما قال بن دقيق العيد لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك وللمطابقة بينهم وبين الأغنياء وقال الخطابي وقد يستدل به من لا يرى على المديون زكاة ما في يده إذا لم يفضل من الدين الذي عليه قدر نصاب لأنه ليس بغنى إذا كان إخراج ماله مستحقا لغرمائه قوله فإياك وكرائم أموالهم كرائم منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره قال بن قتيبة ولا يجوز حذف الواو والكرائم جمع كريمة أي نفيسة ففيه ترك أخذ خيار المال والنكتة فيه أن الزكاة لمواساة الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء إلا إن رضوا بذلك كما تقدم البحث فيه قوله واتق دعوة المظلوم أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم وفيه تنبيه علىالمنع من جميع أنواع الظلم والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارة إلى أن أخذها ظلم وقال بعضهم عطف واتق على عامل إياك المحذوف وجوبا فالتقدير اتق نفسك أن تتعرض للكرائم وأشار بالعطف إلى أن أخذ الكرائم ظلم ولكنه عمم إشارة إلى التحرز عن الظلم مطلقا قوله حجاب أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده حسن وليس المراد أن لله تعالى حجابا يحجبه عن الناس وقال الطيبي قوله اتق دعوة المظلوم تذييل لاشتماله على الظلم الخاص من أخذ الكرائم وعلى غيره وقوله فإنه ليس بينها وبين الله حجاب تعليل للإتقاء وتمثيل للدعاء كمن يقصد دار السلطان متظلما فلا يحجب وسيأتي لهذا مزيد في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى قال بن العربي إلا أنه وإن كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث مراتب إما أن يعجل له ما طلب وإما أن يدخر له أفضل منه وإما أن يدفع عنه من السوء مثله وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى أم من يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وفي الحديث أيضا الدعاء إلى التوحيد قبل القتال وتوصية الإمام عامله فيما يحتاج إليه من الأحكام وغيرها وفيه بعث السعاة لأخذ الزكاة وقبول خبر الواحد ووجوب العمل به وإيجاب الزكاة في مال الصبي والمجنون لعموم قوله من أغنيائهم قاله عياض وفيه بحث وأن الزكاة لا تدفع إلى الكافر لعود الضمير في فقرائهم إلى المسلمين سواء قلنا بخصوص البلد أو العموم وأن الفقير لا زكاة عليه وأن من ملك نصابا لا يعطي من الزكاة من حيث أنه جعل المأخوذ منه غنيا وقابله بالفقير ومن ملك النصاب فالزكاة مأخوذة منه فهو غني والغني مانع من إعطاء الزكاة إلا من استثنى قال بن دقيق العيد وليس هذا البحث بالشديد القوة وقد تقدم أنه قول الحنفية وقال البغوي فيه أن المال إذا تلف قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة لإضافة الصدقة إلى المال وفيه نظر أيضا تكميل لم يقع في هذا الحديث ذكر الصوم والحج مع أن بعث معاذ كما تقدم كان في آخر الأمر وأجاب بن الصلاح بأن ذلك تقصير من بعض الرواة وتعقب بأنه يفضى إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية لاحتمال الزيادة والنقصان وأجاب الكرماني